في أي سورة ذكر فيها شهر رمضان؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. الصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

شهر رمضان هو من أعظم الشهور في الإسلام، وله مكانة خاصة بين بقية الشهور، فقد فضّله الله تعالى وخصّه بفريضة الصيام وعبادات مميزة تُقرب العبد من ربه وتزكي نفسه وتطهر قلبه. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (البقرة: 185)، ويظهر من هذه الآية الكريمة أن هذا الشهر ليس كسائر الشهور، فهو الشهر الذي نزل فيه القرآن، وفرض فيه الصيام.

وقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال: ” إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3277 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (3277)، ومسلم (1079)، مما يدل على خصوصية هذا الشهر، حيث تُفتح فيه أبواب الرحمة وتزداد فيه فرص المغفرة.

جدول المحتويات

مكانة الصيام في الإسلام

الصيام في الإسلام هو ركن من أركان الدين الخمسة، وقد فرضه الله على عباده كتشريع أساسي للتقرب إليه، قال الله تعالى في الحديث القدسي: “قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1904 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه مسلم (١١٥١) باختلاف يسير.

للصيام فضائل عظيمة، فهو عبادة مميزة بين العبد وربه؛ إذ يترك الصائم طعامه وشرابه وشهواته طاعةً لله، فيكرمه الله بعطائه الواسع ويجزيه بأجر لا يعلم مقداره إلا هو. فقد قال رسول الله ﷺ فيما يرويه عن الله: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به”، مما يعني أن الصوم خالصٌ لله وحده، لا يطلع على ثوابه أحد، ولا يعلم أجره إلا الله. وتختلف العبادات الأخرى في أن لها مقادير محددة من الأجر، حيث تُضاعف الحسنة عشرًا إلى سبعمئة ضعف، أما الصوم فثوابه بلا حد.

الصيام هو حصن للمؤمن يحميه من المعاصي في الدنيا ويقيه من النار في الآخرة. وقد حث النبي ﷺ الصائم على تجنب الفحش والصخب، فإذا شتمه أحدٌ أو خاصمه، فعليه أن يقول: “إني صائم”، إظهارًا للسكينة واحترامًا للصوم، وترسيخًا لخلق الصبر والهدوء.

وقد أقسم النبي ﷺ بقوله: “والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك”، مما يشير إلى أن الصوم له مكانة رفيعة عند الله، حيث يُقدر أثر الصيام على العبد رغم ما يتركه من آثار دنيوية. وللصائم فرحتان؛ الأولى عند فطره، حيث يفرح بإكمال عبادته ورفع مشقة الصوم، والثانية عند لقاء ربه، حين يفرح بالثواب العظيم الذي أعده الله له.

وقد بيّن ابن حجر العسقلاني رحمه الله في “فتح الباري” أن هذا الحديث يشير إلى المكانة الخاصة للصوم كونه عبادة خفية بين العبد وربه، لا يعلم حقيقتها إلا الله.

أما عن أقوال السلف، فقد قال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ: “إن الصوم باب من أبواب التقوى، وهو عبادة سرية بين العبد وربه، لذا عظم الله شأنها وجعل لها جزاءً خاصاً”. وأشار الإمام الشافعي إلى الصيام كوسيلة لتطهير النفس وتقوية الإخلاص، حيث قال: “الصوم سبيل المؤمنين إلى التقوى، ووسيلة لتنقية القلوب من الشهوات”.

فضل شهر رمضان

يعد شهر رمضان فرصة عظيمة للعبادة والطاعة والتقرب إلى الله تعالى. وقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله في “زاد المعاد”: “رمضان مدرسة للتزكية، فيها يتعلم المسلم الصبر والتحكم في النفس، ويُعد قلبه لتقبل نور الإيمان”. وأكد الإمام أحمد بن حنبل على هذا المفهوم حين قال: “رمضان فرصة لإحياء القلوب وتوجيهها إلى الله، وهو شهر يجعل من كل مؤمن قريباً من ربه”.

ومما يعزز هذه الفضائل أن الله تعالى يغفر في هذا الشهر للمسلمين ويعتق رقابهم من النار، فقد جاء عن النبي ﷺ: “إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ. الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 1340 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح.

إنَّ للهِ تبارك و تعالى عُتقاءَ في كلِّ يومٍ و ليلةٍ ( يعني في رمضانَ ) . و إنَّ لكلِّ مسلمٍ في كلِّ يومٍ و ليلةٍ دعوةٌ مُستجابةٌ” الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 1002 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره.

إنّ هذا الشهر الكريم هو موسم للمغفرة والرحمة، وهو فرصة ذهبية للمسلم لينقي نفسه ويجدد علاقته بربه.

في أي سورة ذكر فيها شهر رمضان؟

ذكر رمضان في سورة البقرة

جاء ذكر شهر رمضان بشكل صريح في القرآن الكريم في سورة البقرة، وذلك في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” (البقرة: 183-186).

وقد نزلت سورة البقرة في المدينة المنورة، وكانت تهدف إلى تشريع الأحكام وتوجيه المسلمين نحو أسس دينهم، ومن ضمن هذه التشريعات فرضية الصيام. يذكر الإمام الطبري في تفسيره “جامع البيان” أن هذه الآية جاءت لتعليم المسلمين بأهمية هذا الشهر وما يتضمنه من هداية وبيان الحق، حيث نزل القرآن هداية للناس في هذا الشهر المبارك.

تفسير الآية: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

يقول الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره: “خص الله هذا الشهر بإنزال القرآن فيه، مما يدل على عظم مكانته، كما جعله موسماً للخير والطاعة”. ويفسر العلماء جملة “هدى للناس” بأنها تدل على أن القرآن نزل ليكون نورًا للعالمين ومخرجًا لهم من الظلمات إلى النور، خاصة في هذا الشهر الذي يجتهد فيه المسلمون في العبادة والطاعة.

ويوضح فضل شهر رمضان بكونه الشهر الذي اختاره الله لإنزال القرآن، كما أن الكتب السماوية السابقة نزلت فيه أيضًا. حيث قال النبي ﷺ في حديث رواه الإمام أحمد: “أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان . وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان ، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان ، وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان“. وقد روي من حديث جابر بن عبد الله وفيه : أن الزبور أنزل لثنتي عشرة [ ليلة ] خلت من رمضان ، والإنجيل لثماني عشرة ، والباقي كما تقدم . رواه ابن مردويه

كما يبيّن أن القرآن نزل جملةً واحدةً إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم بدأ ينزل مفرقًا على النبي ﷺ وفق الوقائع والأحداث، استنادًا إلى تفسير ابن عباس، رضي الله عنه. وقد أشار الله تعالى إلى نزول القرآن في رمضان بقوله: “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن” [البقرة: 185]، وأنه هدىً للناس ودلائل تفرق بين الحق والباطل.

ويشير الإمام ابن كثير أيضًا إلى مرونة الشريعة، إذ رخص الله الإفطار للمريض والمسافر مع وجوب القضاء؛ تحقيقًا لليسر ورفع العسر، وفقًا لقوله تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” [البقرة: 185].

وبالنسبة للتكبير، يذكر أن العلماء استحبوه في عيد الفطر استنادًا للآية “ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم”، مع اختلاف بسيط في التفاصيل بين المذاهب.

وجاء في تفسير الجلالين حول قوله “فمن شهد منكم الشهر فليصمه”، إشارة واضحة إلى وجوب الصيام على من أدرك هذا الشهر، ويستثنى من ذلك أهل الأعذار كالمسافر والمريض. وأما الإمام القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن”، فقد أشار إلى أن ذكر الصيام في سياق الحديث عن شهر رمضان يؤكد على مركزية هذا الشهر في التشريعات الإسلامية وكونه فرضًا على المسلمين كافة، مما يجعل له مكانة خاصة في قلوب المؤمنين.

أهمية الصيام في رمضان

يستخلص العلماء من هذه الآية أن فرضية الصيام في شهر رمضان تحمل أبعادًا روحانية عميقة، فهي ليست مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل تهدف إلى تهذيب النفس وتزكية القلب. وقد جاء عن الحسن البصري رحمه الله قوله: “الصيام جنة من الشهوات، وحصن للنفس من المعاصي”، مؤكدًا أن الصيام وسيلة لتطهير القلب وتقريبه من الله.

وفي ضوء هذه الآية المباركة، يدعو العلماء المسلمين إلى الاستعداد لهذا الشهر المبارك بعزم وإخلاص، وأداء الفريضة كما أمر الله، فهو ليس مجرد طقس ديني بل وسيلة لتربية النفس والتقرب من الله، وفي هذا يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: “الصيام زكاة للروح وتقوية للإرادة، يعلّم الصبر ويدفع المؤمن نحو الخير”.

لماذا فرض الله الصيام في رمضان؟

الحكمة من فرض الصيام

فرض الله تعالى الصيام في شهر رمضان لحكمة عظيمة تتجلى في تهذيب النفس وتنقيتها من الشوائب، وتقوية الصبر، وتعزيز الإرادة والإخلاص في عبادة الله. يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة: 183)، وتدل هذه الآية على أن الغاية من الصيام هي تحقيق التقوى، وهي من أعلى مراتب العبادة.

وقد أوضح الإمام الرازي رحمه الله في تفسيره “مفاتيح الغيب” أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو تربية للنفس على مقاومة الشهوات وتعويدها على الصبر والتحمل، حتى تصل إلى مرحلة التقوى. وقال: “التقوى مقصد الصوم، إذ يكتسب به العبد قوة على مخالفة هوى النفس والابتعاد عن المعاصي”.

الصيام كعبادة تجمع بين الجسد والروح

يعتبر الصيام عبادة شاملة تشمل كلاً من الجسد والروح، فهو يمنع الإنسان عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، كما يمنعه عن الكلام الفاحش والنظر الحرام، ويحثه على تحسين أخلاقه وكبح جماح شهواته. وقد قال الإمام النووي رحمه الله: “الصيام عبادة خفية بين العبد وربه، لا يطلع عليها أحد إلا الله، ولذلك كان أجرها عظيماً، وجعلها الله تعالى له واختصه بها”.

ويضيف ابن الجوزي في كتابه “زاد المسير” قائلاً: “الصوم تطهير للنفس من أدران الذنوب، فهو يكبح جماح النفس ويقوي العزيمة على ترك ما هو حرام”.

وقد ورد في الحديث القدسي: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ.

قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ.”

مما يبين أن الصوم عبادة خاصة بين الله وعبده، له فيها جزاء خاص وعظيم.

الصيام في الشرائع السماوية الأخرى

لم يكن الصيام خاصًا بأمة محمد صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بل هو عبادة كانت موجودة في الشرائع السماوية السابقة، وهذا ما أكده الله في الآية الكريمة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة: 183). وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “كانت الأمم السابقة تصوم لأيام معدودة، ثم جاء الإسلام ففرض صيام رمضان شهراً كاملاً”.

وقد ذكر الإمام القرطبي في تفسيره “الجامع لأحكام القرآن” أن الصيام كان معروفًا عند أهل الكتاب، وكان مفروضًا على الأمم السابقة، ولكن بمقادير وأيام تختلف عن صيام رمضان. وهذا يدل على أن الصوم عبادة جامعة جاءت لتنقية النفس وتزكيتها، وخصص الله شهر رمضان للصيام في الإسلام ليكون شهر العبادة والقرب من الله.

فوائد الصيام الروحية والاجتماعية

لصيام شهر رمضان فوائد روحية واجتماعية عديدة، فهو يقوي صلة العبد بربه ويجعل قلبه متصلاً بالله، بعيدًا عن ملذات الدنيا وشهواتها. كما أنه يزرع الإحساس بالمساواة والتراحم بين المسلمين، حيث يشعر الغني بمعاناة الفقير، ويتربى الجميع على خلق العطف والرحمة.

وقد أشار الإمام ابن القيم في “زاد المعاد” إلى أن “الصوم جنة من الشهوات، وحصن للنفس من الوقوع في المعاصي”، كما يحقق التكافل الاجتماعي ويحث الناس على الصدقة والعطف على المحتاجين. إن الصيام هو وسيلة لتحرير الإنسان من الرغبات الدنيوية والتركيز على الإيمان والتقوى، مما يجعله يشعر بالسكينة والرضا والقرب من الله.

فضائل شهر رمضان في القرآن الكريم

رمضان كفرصة للمغفرة والرحمة

يعد شهر رمضان من أعظم الفرص التي يمنحها الله للمسلمين للمغفرة والرحمة والعتق من النار، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: “مَن صامَ رمضانَ وقامَهُ ، إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 683 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه الترمذي (683) واللفظ له، وأخرجه البخاري (38) مختصراً، ومسلم (760) باختلاف يسير.

وفي حديث آخر قال: “رغِمَ أَنفُ رجلٍ ذُكِرتُ عندَهُ فلم يصلِّ عليَّ ، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ علَيهِ رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبلَ أن يُغفَرَ لَهُ ، ورغمَ أنفُ رجلٍ أدرَكَ عندَهُ أبواهُ الكبرَ فلم يُدْخِلاهُ الجنَّةَ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 3545 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح التخريج : أخرجه الترمذي (3545) واللفظ له، وإدراك الأبوين أصله في صحيح مسلم (2551).

مما يدل على أن هذا الشهر المبارك مليء بالفرص الروحية للتوبة والمغفرة.

وقد أوضح النووي رحمه الله في “شرح صحيح مسلم” أن رمضان فرصة للتقرب من الله وتجديد الإيمان، حيث تتضاعف الحسنات وتُرفع الدرجات، ويحرص المسلم على اغتنام هذه الفرصة عبر الصيام والصلاة وقراءة القرآن. فالله سبحانه وتعالى يُنزل رحمته الخاصة في هذا الشهر ويُعطي عباده الفرصة للعودة إليه والابتعاد عن المعاصي.

أهمية ليلة القدر في رمضان

من أعظم ليالي شهر رمضان هي ليلة القدر، التي قال الله فيها: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (القدر: 3). وقد فسر الإمام ابن كثير هذه الآية بأن العبادة في هذه الليلة تعادل عبادة ألف شهر، مما يُظهر فضلها وأجرها الكبير. وقد ورد عن النبي ﷺ قوله: مَن صامَ رمضانَ وقامَهُ ، إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 683 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه الترمذي (683) واللفظ له، وأخرجه البخاري (38) مختصراً، ومسلم (760) باختلاف يسير.

وتعتبر ليلة القدر من أعظم الفرص الروحية التي يسعى المؤمنون لاغتنامها، حيث يُكتب فيها ما سيكون في العام القادم، وتنزل فيها الملائكة بالرحمة والسلام. وأوصى العلماء بتحري هذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان، فقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: “أحرصوا على العشر الأواخر، ففيها تُفتح أبواب السماء ويُستجاب الدعاء”.

أثر رمضان على حياة المسلم

يترك رمضان أثرًا عميقًا في حياة المسلم، حيث يتعلم الصبر والتحمل، ويتقرب من الله بعبادات مكثفة ترفع روحه وتزيد من إيمانه. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “رمضان مدرسة تربوية تتجدد فيها القلوب وتُزهر فيها الطاعات”. فالصيام يزكي النفس ويقويها، ويجعل المؤمن أكثر استعدادًا للالتزام بأوامر الله بعد انقضاء الشهر.

الأحاديث النبوية عن شهر رمضان

أحاديث النبي ﷺ حول فضل رمضان والصيام

وردت عن النبي محمد ﷺ عدة أحاديث تبين فضل رمضان وفوائد الصيام فيه، حيث قال: ” إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3277 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (3277)، ومسلم (1079). وقد شرح العلماء هذا الحديث بأنه دليل على بركة هذا الشهر العظيم، حيث تكون النفوس أقرب إلى الطاعة وتكون أبواب التوبة مفتوحة لكل من يسعى للتقرب من الله.

وقد جاء عن النبي ﷺ أيضًا قوله: لِلصَّائمِ فَرحتانِ: فَرحةٌ عِندَ فِطرِهِ، وفَرحةٌ يَومَ القيامةِ، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عِندَ اللهِ مِن ريحِ المِسكِ الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 10505 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) مطولاً باختلاف يسير.

مما يظهر أن الصيام عبادة تجمع بين الرضا النفسي والروحاني، وتمنح المسلم السعادة والراحة. وأوضح الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه “لطائف المعارف” أن فرحة الصائم في الدنيا هي دليل على إيمانه ورضاه بما كتبه الله له، وفرحته عند لقاء الله هي جزاءٌ له على صبره وطاعته.

كيف تعكس الأحاديث النبوية تعاليم القرآن الكريم؟

تُكمل الأحاديث النبوية ما جاء في القرآن الكريم من تعاليم عن رمضان، حيث تساعد على فهم التشريعات وتوضح كيف كان النبي ﷺ يُعظم هذا الشهر الكريم ويستقبله بالعبادة والذكر. فقد كان ﷺ إذا دخل رمضان يضاعف من اجتهاده في العبادة، ويحث الصحابة على استغلال الشهر بالصيام والصلاة وتلاوة القرآن.

وقال النووي: “تجمع الأحاديث النبوية فضائل الصيام في رمضان، وتحث المؤمنين على الاجتهاد في العبادة خلال هذا الشهر المبارك، وترفع مكانة الصيام كعبادة مقربة إلى الله”، مما يجعل السنة النبوية دليلًا واضحًا للمسلمين في كيفية استقبال رمضان واغتنامه.

ارتباط شهر رمضان بالقرآن الكريم

نزول القرآن في شهر رمضان

يعتبر نزول القرآن الكريم في شهر رمضان من أعظم البركات التي خص الله بها هذا الشهر، وقد أشار الله تعالى إلى هذا في قوله: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ (البقرة: 185). وقد أوضح العلماء أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم بدأ ينزل على النبي ﷺ على مدى 23 عامًا، وكان لهذا الأمر حكمة عظيمة.

قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في “لطائف المعارف”: “إن شهر رمضان قد شُرِّفَ بنزول القرآن فيه، وجعل الله صيامه وتلاوته القرآن فيه من أعظم القربات، حيث يتجدد فيه إيمان العبد بتدبر آيات الله وتزكية نفسه، ويغتنم المسلمون هذا الشهر لتكثير الخيرات والطاعات، مما يقربهم إلى الله ويزيد من نور قلوبهم.” وقال ابن القيم: “شهر رمضان هو شهر القرآن، اختاره الله لنزول كتابه العظيم فيه، مما يبيّن عظمته، ولذا كان النبي ﷺ يكثر من تلاوة القرآن في رمضان ويحث أصحابه على التدبر والقراءة، حيث يضاعف الله الأجر لعباده في هذا الشهر ويقربهم إليه بنور كتابه”. (زاد المعاد، ابن القيم، ج1، ص 356). وذكر النووي أهمية تلاوة القرآن في رمضان بقوله: “ينبغي على المسلم أن يغتنم شهر رمضان بالإقبال على تلاوة القرآن وكثرة الذكر، فإن هذا الشهر اختصه الله بإنزال كتابه وجعل فيه ليلة خير من ألف شهر، تتضاعف فيها الأجور ويفيض الله على عباده برحمته”. (التبيان في آداب حملة القرآن، النووي، ص 54).

وقال القرطبي عن نزول القرآن في رمضان: “نزول القرآن في رمضان دليلٌ على عظمة هذا الشهر، وقد جعله الله رحمة وهدى للناس، وفرض الصيام فيه ليجمع بين طهارة الجسد وتزكية النفس، فالعبد يجتمع له في هذا الشهر خير الدنيا والآخرة بفضل القرآن والصيام”. (تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، سورة البقرة، آية 185)

أهمية قراءة القرآن وتدبره في رمضان

يحرص المسلمون في رمضان على قراءة القرآن وتدبره، اقتداءً بالنبي ﷺ الذي كان يقرأ القرآن على جبريل في رمضان، فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “انَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. وَعَنْ عبدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بهذا الإسْنَادِ نَحْوَهُ، وَرَوَى أبو هُرَيْرَةَ، وفَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ القُرْآنَ” الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3220 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [وقوله: وروى أبو هريرة وفاطمة… معلقان، وصلهما في موضعين آخرين] التخريج : أخرجه البخاري (3220) واللفظ له، ومسلم (2308). ورواية أبي هريرة أخرجها البخاري موصولة (4998). ورواية فاطمة أخرجها البخاري معلقاً بعد حديث (3220)، وأخرجها موصولاً مسلم (2450) مطولاً من حديث عائشة رضي الله عنها.

وهذا يدل على أهمية المراجعة والتدبر للقرآن في هذا الشهر الفضيل. وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: “القرآن في رمضان غذاء الروح، وتدبره يزيد الإيمان ويقوي القلب”، مما يؤكد على ضرورة الاستفادة من هذا الشهر للتعمق في فهم كتاب الله وتطبيق أحكامه. وقال ابن القيم: “تلاوة القرآن وتدبره في رمضان من أعظم القربات، فإن الله خص هذا الشهر بنزول القرآن، وهو أعظم غذاء للروح وأنفع دواء للقلب، فمن أقبل عليه في رمضان بالإخلاص والخشوع، نال من الإيمان ما لا يناله في غيره”. (مدارج السالكين، ابن القيم، ج1، ص 461).

وقال ابن كثير عن أهمية القرآن في رمضان: “الله أنزل القرآن في هذا الشهر، وجعل تلاوته وتدبره من أفضل الأعمال فيه، فمن اغتنم هذا الشهر للتمسك بآيات الله فإنه يقوي إيمانه ويثري قلبه بالنور”. (تفسير ابن كثير، تفسير الآية 185 من سورة البقرة)

نصائح للعبادة والصيام في شهر رمضان

نصائح عملية للاستفادة من رمضان

إليك بعض النصائح للاستفادة القصوى من هذا الشهر الكريم:

  1. الاستعداد الروحي: ابدأ رمضان بنية صادقة، واطلب من الله أن يوفقك للقيام بالصيام والعبادة.
  2. التخطيط للعبادة: قسم وقتك بين الصيام والصلاة وقراءة القرآن، واجعل لكل عبادة وقتًا مخصصًا.
  3. الإكثار من الذكر والدعاء: خاصةً في العشر الأواخر، حيث يُستحب الاجتهاد في الدعاء والصلاة.
  4. التصدق والعطف على الفقراء: رمضان هو شهر العطاء، فتصدق بقدر ما تستطيع، وأشعر بآلام الفقراء.

الأدعية والأذكار الموصى بها

في شهر رمضان المبارك، يُستحب للمسلم الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله، طلباً للمغفرة والعتق من النار. من الأدعية التي يستحب ترديدها خلال هذا الشهر: “اللهم اجعلني من عتقائك من النار في هذا الشهر المبارك، وارزقني حسن الخاتمة”. فقد ورد في الحديث الشريف أن لله عتقاء من النار في كل ليلة من ليالي رمضان، مما يجعل هذا الدعاء مستحباً للمؤمنين الذين يبتغون رضا الله وعتقه من النار خلال هذا الشهر الفضيل. فقد قال النبي ﷺ: “إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 1339 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه الترمذي (682)، وابن ماجه (1642) واللفظ له.

كما يُستحب تكرار دعاء النبي ﷺ الذي أرشد إليه عائشة رضي الله عنها، حينما سألته عن أفضل دعاء تقوله إذا وافقت ليلة القدر: “قلتُ : يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علمتُ أيَّ ليلةِ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قال : قولي : اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن دقيق العيد | المصدر : الإلمام بأحاديث الأحكام | الصفحة أو الرقم : 1/364 | خلاصة حكم المحدث : [اشترط في المقدمة أنه] صحيح على طريقة بعض أهل الحديث | التخريج : أخرجه الترمذي (3513)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7712)، وابن ماجه (3850)، وأحمد (25384) باختلاف يسير.

هذا الدعاء يعبر عن طلب العفو من الله، وهو من أجمل الأدعية في رمضان، خاصةً في العشر الأواخر حيث يطلب المؤمن العفو والمغفرة واغتنام فرصة ليلة القدر.

ومن الأدعية الموصى بها أيضاً عند ختم القرآن، دعاء يجعل القرآن ربيعاً للقلوب ونوراً للصدور، حيث يُقال: “اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي”.

ما قال عبدٌ قطُّ إذا أصابه هَمٌّ أو حُزْنٌ : اللَّهمَّ إنِّي عبدُكَ ابنُ عبدِكَ ابنُ أَمَتِكَ ناصِيَتي بيدِكَ ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فيَّ قضاؤُكَ أسأَلُكَ بكلِّ اسمٍ هو لكَ سمَّيْتَ به نفسَكَ أو أنزَلْتَه في كتابِكَ أو علَّمْتَه أحَدًا مِن خَلْقِكَ أوِ استأثَرْتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَكَ أنْ تجعَلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ بصَري وجِلاءَ حُزْني وذَهابَ همِّي إلَّا أذهَب اللهُ همَّه وأبدَله مكانَ حُزْنِه فرَحًا. قالوا : يا رسولَ اللهِ ينبغي لنا أنْ نتعلَّمَ هذه الكلماتِ ؟ قال : أجَلْ، ينبغي لِمَن سمِعهنَّ أنْ يتعلَّمَهنَّ.” الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 972 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه | التخريج : أخرجه أحمد (3712)، والطبراني (10/210) (10352)، والحاكم (1877).

فهذا الدعاء يعبر عن التمسك بالقرآن كمصدر للراحة والسكينة، ويتجلى ذلك بشكل خاص في رمضان، حيث يحرص المسلمون على ختم القرآن أكثر من مرة.

الأسئلة الشائعة حول ذكر شهر رمضان في الْقُرْانُ الْكَرِيمُ

في أي سورة ذكر فيها شهر رمضان؟ الخاتمة

في الختام، وكما أجبنا سابقاً عن سؤال “في أي سورة ذكر فيها شهر رمضان”، فإن هذا الشهر المبارك قد جاء ذكره في سورة البقرة، مما يعكس أهميته العظيمة في الإسلام كوقت مخصص للتقرب إلى الله بالطاعات وتدبر القرآن الذي أنزل فيه. إن شهر رمضان هو بالفعل موسم للرحمة والمغفرة، حيث تتضاعف فيه الأجور وتُفتح أبواب الجنة، في فرصة عظيمة لكل مسلم لتجديد علاقته مع الله.

وعلى كل مؤمن أن يستحضر نية خالصة في هذا الشهر المبارك، ويجتهد في الصيام والقيام وسائر الطاعات، متبعًا تعاليم الدين بكل إخلاص. نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يجعلنا من عتقائه من النار في هذا الشهر الكريم، وأن يُعيد علينا شهر رمضان الذي ذكر في القرآن ونحن في أحسن حال من الإيمان والصحة، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.

Scroll to Top