الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد
هل تساءلت يومًا عن كيفية أداء صلاة الاستخارة ودعاؤها وفضلها في حياتنا؟ صلاة الاستخارة من السنن المؤكدة التي أرشدنا إليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. هي وسيلة للمسلم لطلب الهداية من الله عز وجل في الأمور التي يجد فيها حيرة أو تردد، سواء كانت صغيرة أو كبيرة. ففي اللحظات التي يصعب علينا اتخاذ القرار الصحيح، نلجأ إلى هذه الصلاة المباركة لنسأل الله أن يختار لنا الخير ويوفقنا لما فيه رضاه.
اللجوء إلى صلاة الاستخارة يعكس إيمان المسلم بحكمة الله وقدرته على تيسير الأمور. فهي تملأ القلب بالسكينة والطمأنينة، وتعزز التوكل على الله والثقة في قضائه. كما حثنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم على أدائها في كل شأن من شؤون حياتنا، لتكون وسيلة للتقرب إلى الله والالتزام بأوامره، والحرص على أن تكون خطواتنا مباركة بتوجيهه.
ما هي خطوات أداء صلاة الاستخارة؟ وما هو دعاء الاستخارة الصحيح؟ في هذا المقال، سنستعرض كيفية أداء صلاة الاستخارة ودعائها بالطريقة الصحيحة. سنستند إلى ما ورد في السنة النبوية الشريفة.
فلنتوكل على الله ونلجأ إليه بصدق في كل ما نقدم عليه. نرجو منه الخيرة والسداد.
النقاط الأساسية عن كيفية أداء صلاة الاستخارة ودعاؤها:
- صلاة الاستخارة سنة مؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حث عليها لتوجيه أمته إلى ما فيه الخير.
- تتكون صلاة الاستخارة من ركعتين يؤديهما المسلم بخشوع، يتبعها دعاء الاستخارة كما ورد في الحديث الشريف.
- يجوز أداء صلاة الاستخارة في أي وقت من اليوم، باستثناء الأوقات التي نُهينا عن الصلاة فيها.
- صلاة الاستخارة تزرع في قلب المؤمن السكينة والرضا، وتعينه على اتخاذ القرارات الصائبة بتوفيق من الله عز وجل.
- الجمع بين الاستخارة والاستشارة يساعد المسلم على الوصول إلى الخيار الأمثل في شؤون دينه ودنياه.
- صلاة الاستخارة تجسد التوكل على الله والثقة بحكمته، والتسليم بقضائه وقدره في كل الأمور.
معنى صلاة الاستخارة وأهميتها
صلاة الاستخارة تُعَدُّ من الصلوات البارزة والمهمى في الإسلام، وهي تُعبّر عن تقرب العبد إلى الله وطلبه التوفيق والخيرة في الأمور التي يجد فيها صعوبة أو تردداً. يُظهر المسلم من خلالها إيمانه بأن الله تعالى يعلم ما هو خير له، ويُسلّم أمره بالكامل لله عز وجل، مُعترفاً بعجزه عن معرفة ما هو الأفضل. يلجأ المسلم إلى هذه الصلاة لطلب الخير في أمور دينه ودنياه، وللتوكل على الله في كل قرارات حياته، مما يعزز الثقة في حكمته سبحانه وتعالى.
تعريف صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة هي صلاة مسنونة يُؤدّيها المسلم عندما يكون بحاجة إلى اتخاذ قرار مهم في حياته. تتألف من ركعتين، يتبعهما دعاء خاص يطلب فيه العبد من الله تعالى أن يختار له ما فيه الخير، وأن يجنبه ما فيه شر أو ضرر. بهذا الدعاء، يُظهر المسلم توكله على الله ويطلب منه الهداية لما فيه مصلحته وسعادته في الدنيا والآخرة.
عن جابر بن عبدالله السلمي رضي الله عنه: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يقولُ: إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هذا الأمْرَ – ثُمَّ تُسَمِّيهِ بعَيْنِهِ – خَيْرًا لي في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – قالَ: أوْ في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، اللَّهُمَّ وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّه شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ثُمَّ رَضِّنِي بهِ. المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 7390 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أهمية اللجوء إلى الله تعالى في طلب الخيرة
أهمية صلاة الاستخارة تكمن في ثلاثة جوانب:
الجانب الأول: تجريد الافتقار إلى الله، ونفي التعلق بغيره، وتحقيق التوكل عليه سبحانه وتعالى، وتفويض الأمور إليه، وهذه جميعها معانٍ عظيمة في التوحيد والإسلام. تُعين صلاة الاستخارة المسلم على تحقيق هذه المعاني والالتزام بها، خصوصاً لمن اعتاد أداؤها وشعر في قلبه بحقيقتها وحكمة تشريعها.
الجانب الثاني: النجاح في الاختيار والتوفيق في السعي، فمن فوض أمره لله كفاه، ومن طلب من الله بصدق أعطاه حاجته ولم يحرمه. ومع ذلك، يجب التنبه إلى أن الحديث المشهور: (ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار) هو حديث ضعيف، كما بيّن الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (611).
الجانب الثالث: الرضا بالقضاء والقبول بالمقسوم. فمن استخار الله تعالى في أمره لن يندم على اختياره، وستحل في قلبه السكينة واليقين، مما يدفع عنه أي قلق أو حزن قد يطرأ من اختياره. فقد روى ابن أبي الدنيا في “الرضا عن الله بقضائه” (92) وغيره بسنده عن وهب بن منبه قال: ” قال داود عليه السلام : رب ! أي عبادك أبغض إليك ؟ قال : عبد استخارني في أمر ، فخرت له ، فلم يرض به “.
ويقول ابن القيم رحمه الله في “الوابل الصيب” (157): “ما ندم من استخار الخالق وشاور المخلوقين وثبت في أمره.“
ويوضح ابن القيم في “زاد المعاد” (2/442) أهمية صلاة الاستخارة قائلاً: “هذا الدعاء يجمع بين التوحيد والافتقار والعبودية والتوكل على الله وسؤاله من فضله العظيم، وهو من طالع أهل السعادة والتوفيق الذين كتب لهم من الله الحسنى، بخلاف أهل الشرك والخذلان.“
ويدعو المسلم إلى التفكر في كيف يسبق الاستخارة التوكل، ويأتي بعدها الرضا بما قضى الله، مما يجعل العبد في حالة من السعادة والطمأنينة. فالاستخارة تعلم العبد التوكل على الله والتفويض إليه، والرضا بما يختاره له، وهي دليل على سعادة العبد وقربه من الله.
أهمية صلاة الاستخارة | كيفية تحقيقها |
---|---|
التوكل على الله في اتخاذ القرارات | طلب الخيرة والتوفيق من الله تعالى |
الطمأنينة والسكينة النفسية | اللجوء إلى الله والثقة بحكمته |
التسليم لقضاء الله وقدره | الرضا بما يختاره الله تعالى |
فصلاة الاستخارة ركيزة أساسية في حياة المسلم. تربطه بالله وتعزز إيمانه وثقته به. هي وسيلة للتقرب إلى الله وطلب الخيرة والتوفيق منه.
توجيهات العلماء حول الاستخارة والتأني
قال محمد بن نصر العابد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: “كل شيء من الخير يبادر فيه”، وذكر أنه شاور أحمد بن حنبل في الخروج إلى الثغر، فقال له: “بادر بادر”. وهذا قد يُفهَم على وجهين: الأول، أن الأمر لا يحتاج إلى استخارة كما قال بعض الفقهاء بسبب وضوح المصلحة. والثاني، أنه يعني بذلك المبادرة بعد فعل ما ينبغي من صلاة الاستخارة وغيرها. وقد ورد في حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعلِّم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها، وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره. وقد ذُكر أيضاً أن زينب رضي الله عنها استخارت لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها، وهو ما يشير إلى استحباب صلاة الاستخارة لمن همَّ بأمر، سواء كان ظاهر الخير أو لا، كما فُسِّر في شرح مسلم. ويُحتمل أنها استخارت خوفاً من التقصير في حق النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري: أخبرنا أحمد بن علي الأصبهاني – أحفظ من رأيت من البشر – أن وهب بن منبه قال: قال داود عليه السلام: “يا رب، أي عبادك أبغض إليك؟” قال: “عبد استخارني في أمر فاخترت له، فلم يرضَ.” ويظهر من هذا الإسناد أنه حسن.
وأشار الخلال في “الأدب” إلى كراهة العجلة، وذُكر عن عبد الله بن أحمد عن أبيه أن مالك بن أنس كان يعيب العجلة في الأمور، واستشهد بقراءة ابن عمر لسورة البقرة في ثمان سنين، مما يظهر التأني والتروي في الأمور.
وقد روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم: “التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة.” وكل هؤلاء الرواة ثقات، مما يؤكد أهمية التروي والتأني في الأمور، مع المبادرة فيما فيه خير الآخرة.
وقد سبق الحديث عن أهمية التثبت والتأني في الفتيا وفي فصول العلم، حيث أشار مالك إلى أن العجلة نوع من الجهل والخرق. وروى البيهقي عن سعد بن سنان، وهو ضعيف، لكن حسنه الترمذي عن أنس مرفوعاً: “التأني من الله والعجلة من الشيطان.” وورد أيضاً في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله رفيق يحب الرفق”، وقوله: “من يحرم الرفق يُحرم الخير.”
شروط وأركان صلاة الاستخارة
تتضمن صلاة الاستخارة شروطًا وأركانًا يجب على المسلم الالتزام بها لضمان صحة الصلاة وقبولها. يجب أن يكون المسلم مخلصًا في طلب الخيرة من الله، وأن يكون الأمر الذي يستخير فيه مباحًا ومشروعًا في الشريعة الإسلامية.
- النية: يجب أن يعقد المسلم النية لأداء صلاة الاستخارة، سعيًا لامتثال أمر الله وطلب الخير منه في الأمر الذي يستخير فيه.
- تكبيرة الإحرام: يبدأ المسلم الصلاة بتكبيرة الإحرام قائلاً: “الله أكبر”، مع استحضار نية الدخول في الصلاة.
- قراءة الفاتحة: قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة من ركعتي صلاة الاستخارة تُعَدُّ من الأركان الأساسية التي لا تصح الصلاة بدونها.
- الركوع: بعد القراءة، ينحني المسلم في الركوع قائلاً: “سبحان ربي العظيم”، مع الطمأنينة في الحركة.
- السجود: يسجد المسلم قائلاً: “سبحان ربي الأعلى”، مع التركيز على الخشوع والسكينة.
- التشهد الأخير: يجلس المسلم في نهاية الركعة الثانية للتشهد الأخير، يتضمن الشهادتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
- التسليم: يختتم المسلم صلاة الاستخارة بالتسليم قائلاً: “السلام عليكم ورحمة الله”، إيذانًا بالخروج من الصلاة.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ: إذَا هَمَّ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي به ، ويُسَمِّي حَاجَتَهُ. المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 6382 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
كيفية أداء صلاة الاستخارة ودعاؤها
صلاة الاستخارة من السنن المؤكدة التي علّمها النبي ﷺ لأصحابه رضوان الله عليهم، وهي وسيلة للتوجه إلى الله تعالى وطلب الخيرة في الأمور المهمة. حينما يجد المسلم نفسه أمام قرار مصيري، فإنه يلجأ إلى صلاة الاستخارة، حيث يصلي ركعتين ويسأل الله التوفيق والهداية من خلال دعاء الاستخارة.
الخطوات لأداء صلاة الاستخارة:
- الوضوء والاستعداد للصلاة: يبدأ المسلم بالتوضؤ والتأهب للصلاة بنية أداء صلاة الاستخارة، مستحضراً النية والقصد في قلبه.
- أداء ركعتين كصلاة النافلة: يصلي المسلم ركعتين مثل صلاة النافلة، يقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة وما تيسر له من القرآن الكريم.
- الدعاء بعد السلام: بعد الانتهاء من الصلاة والسلام، يرفع المصلي يديه إلى السماء ويدعو بدعاء الاستخارة كما ورد عن النبي ﷺ في الحديث الشريف: “اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك…”
- تحديد الأمر الذي يستخير فيه: يُسمّي المصلي الأمر الذي يستخير الله فيه بوضوح، سواء كان قرارًا بالزواج أو السفر أو أي أمر آخر من أمور الدنيا والدين.
- الإكثار من الدعاء والتضرع: يُستحب الإكثار من الدعاء والخشوع والتضرع إلى الله تعالى، مع الثقة الكاملة في حكمته وتدبيره، والتسليم التام لأمره.
من خلال هذه الخطوات، يسعى المسلم إلى نيل رضا الله وتوفيقه، متوكلاً عليه في كل شؤونه، ومتأكدًا من أن الله تعالى سيختار له ما هو خير في دينه ودنياه.
دعاء الاستخارة وصيغته
دعاء الاستخارة هو الدعاء الذي علّمنا إياه النبي ﷺ وورد في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري.
كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا كما يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ؛ يقولُ: إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لْيَقُل: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ؛ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي قالَ: «وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ». الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1162 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
يتضمن هذا الدعاء المبارك اعتراف المسلم بعلم الله الواسع وقدرته المطلقة، وطلب الخيرة فيما هو خير له في دينه ودنياه. كما يشمل الدعاء تسليماً كاملاً لقضاء الله وقدره، والرضا بما يختاره الله لعبده، مما يعكس إيمان المسلم بأن الله هو الأعلم والأحكم بما فيه صلاح العبد وخيره.
وقد كان النبي ﷺ يُعلّم أصحابه هذا الدعاء في جميع الأمور، مما يدل على أهمية الاستعانة بالله واللجوء إليه في كل صغيرة وكبيرة من شؤون الحياة. صلاة الاستخارة ليست مجرد صلاة طلب للهداية في الأمور المحيرة، بل هي تجسيد حقيقي للتوكل على الله والاعتماد عليه في اتخاذ القرارات الصائبة. يمضي المسلم بعد الاستخارة في أمره، فإن كان خيراً له يسره الله له، وإن كان شراً صرفه الله عنه وصرفه عن ذلك الأمر.
فوائد صلاة الاستخارة وآثارها
صلاة الاستخارة تُعتبر من أهم الوسائل التي يلجأ إليها المسلمون عند مواجهة القرارات المصيرية. هي عبادة تعكس التوجه إلى الله تعالى وطلب الخيرة فيما هو خير للعبد، وتساهم في منح الطمأنينة والسكينة للنفس. فيما يلي نوضح أبرز فوائد هذه الصلاة المباركة في حياة المسلم:
1. الطمأنينة والراحة النفسية: تُضفي صلاة الاستخارة على النفس الشعور بالطمأنينة والراحة. عندما يلجأ المسلم إلى ربه في أموره، يشعر بأن الله سبحانه وتعالى سيختار له ما هو خير. هذا الإيمان يُزيل القلق ويملأ القلب بالسكينة والرضا.
2. التوفيق والسداد في الاختيار: تُعين صلاة الاستخارة المسلم على اتخاذ القرار الصائب بما يتوافق مع مشيئة الله. فالله يعلم ما لا نعلم، والاستعانة به من خلال الاستخارة تُسهّل على المسلم اتخاذ القرار السليم. ولهذا، يُلاحظ أن الكثير من المسلمين يعتمدون على الاستخارة في قراراتهم اليومية والمصيرية.
3. تحقيق التوكل على الله والثقة به: اللجوء إلى الله في صلاة الاستخارة يعزز مفهوم التوكل ويزيد من الثقة بالله سبحانه وتعالى. يدرك المسلم أن الله لن يختار له إلا الخير، مما يدفعه للإقدام على الأمور بثقة واطمئنان، مهما كانت النتائج.
4. الاستخارة تعزز الثقة بالله والتفويض له في الأمور: الاستمرار في أداء صلاة الاستخارة يجعل المسلم يعتمد على الله في كل شؤونه، مفوضاً إليه الأمور الكبيرة والصغيرة، مما يزيد من ثقته بالله ويعزز مفهوم التوكل في حياته.
5. الرضا بقضاء الله وقدره بعد الاستخارة يمنح السكينة والراحة: الرضا بما يختاره الله لعبده بعد الاستخارة يُعتبر من أعظم الفوائد، حيث يمنح العبد السكينة والراحة النفسية، ويجعله راضياً بقضاء الله وقدره، مما يُبعد عنه الهموم والشكوك.
6. الاستخارة وسيلة لتحقيق التوكل وتفويض الأمر لله رب العالمين: صلاة الاستخارة هي تجسيد للتوكل الحقيقي على الله، حيث يعتمد المسلم على خالقه في توجيه خطواته وقراراته، مُظهرًا التفويض الكامل لله في أموره.
الخلاصة – كيفية أداء صلاة الاستخارة ودعاؤها
نرى في صلاة الاستخارة عظمة هذه السنة النبوية المباركة. فهي وسيلة للتقرب إلى الله عز وجل وطلب توجيهه في اتخاذ القرارات المصيرية، مثل اختيار الزوج أو الوظيفة. تمنح صلاة الاستخارة المسلمين شعورًا بالطمأنينة والراحة النفسية، وتعزز إيمانهم بالقضاء والقدر، وتذكرهم بأن الله سبحانه هو المدبر لشؤونهم، ويختار لهم ما فيه الخير.
ينبغي على المسلم أن يحرص على أداء صلاة الاستخارة عند الحاجة إلى اتخاذ قرار مهم، وأن يكون صادقًا ومخلصًا في دعائه، مع اليقين بأن الله تعالى سيوجهه إلى ما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
الأسئلة الشائعة
- والله أعلم