الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد, الحمد لله الذي جعل الأيام الفاضلة فرصًا للتقرب إليه، الأضحية هي من شعائر الإسلام العظيمة التي يتقرب بها المسلمون إلى الله عز وجل في يوم عيد الأضحى، وهي سنة مؤكدة للقادرين، حيث يقوم المسلم بذبح بهيمة من الأنعام تقربًا إلى الله عز وجل، وقد وردت الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي تبين حكم الأضحية وأحكامها. في هذا المقال سنتناول حكم الأضحية وما يتعلق بها من شروط وأحكام وفقًا لما جاء في الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم من السلف وأئمة المذاهب الأربعة.

فأما الكتاب فقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر: 2) ، وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام : “مَن صَلَّى صَلَاتَنَا، ونَسَكَ نُسُكَنَا، فقَدْ أصَابَ النُّسُكَ، ومَن نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فإنَّه قَبْلَ الصَّلَاةِ ولَا نُسُكَ له، فَقالَ أبو بُرْدَةَ بنُ نِيَارٍ خَالُ البَرَاءِ: يا رَسولَ اللَّهِ، فإنِّي نَسَكْتُ شَاتي قَبْلَ الصَّلَاةِ، وعَرَفْتُ أنَّ اليومَ يَوْمُ أكْلٍ وشُرْبٍ، وأَحْبَبْتُ أنْ تَكُونَ شَاتي أوَّلَ ما يُذْبَحُ في بَيْتِي، فَذَبَحْتُ شَاتي وتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أنْ آتِيَ الصَّلَاةَ، قالَ: شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ. قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، فإنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هي أحَبُّ إلَيَّ مِن شَاتَيْنِ، أفَتَجْزِي عَنِّي؟ قالَ: نَعَمْ، ولَنْ تَجْزِيَ عن أحَدٍ بَعْدَكَ.” الراوي : البراء بن عازب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 955 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (955)، ومسلم (1961).

وثبت أنه – صلى الله عليه وسلم – “ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ واضِعًا قَدَمَهُ علَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي ويُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُما بيَدِهِ.” الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5558 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (5558)، ومسلم (1966).

ما حكم الأضحية في الإسلام؟

قد اختلف العلماء في حكم الأضحية، فذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة، وهي الرأي الأكثر شهرة، بينما ذهب كل من الأوزاعي والليث ومذهب أبي حنيفة إلى أنها واجبة، وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد بن حنبل.

من الأدلة التي استند إليها القائلون بوجوب الأضحية حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن كان له سَعَةٌ ولم يُضَحِّ ، فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا. الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 6490 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه ابن ماجه (3123) واللفظ له، وأحمد (8273). في هذا الحديث الشريف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَن كان له سَعَةٌ، أي من كان لديه القدرة والاستطاعة على شراء أضحية، وقيل: المقصود بالسعة هنا هو أن يكون صاحب نصاب الزكاة. ثم يقول صلى الله عليه وسلم: ولم يُضَحِّ، أي لم يقم بذبح الأضحية في العيد، فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا، أي أنه لا يكون جديرًا بحضور صلاة العيد مع المسلمين؛ وذلك زجرًا له وعقوبة بسبب بخلّه وتركه لهذه السنة، ويُفوت عليه بذلك مشاركة المسلمين في فرحتهم ودعائهم. وهذا الحديث يدل على الحث المؤكد على الأضحية لمن استطاع إليها سبيلاً، ولكن لا يعني أن صحة الصلاة تتوقف على الأضحية.

وقد اعتُبر هذا الحديث من الأدلة الدالة على وجوب الأضحية، ولكن قد ورد ردٌ من بعض العلماء على هذه الحجة، حيث قال الحافظ ابن حجر في الفتح أنه لا حجة في الحديث لأن صيغة الحديث ليست صريحة في الوجوب المطلق، بل تذكر مع العيترة، وهي ليست واجبة عند من قال بوجوب الأضحية.

وقوله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة: “يا أيها الناس إن على أهل كل بيت أضحية وعتيرة”. قال الحافظ في الفتح: أخرجه أحمد والأربعة بسند قوي. وقال الحافظ: ولا حجة فيه لأن الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق، وقد ذكر معها العيترة وليست بواجبة عند من قال بوجوب الأضحية. والعتيرة هي الشاة تذبح عن أهل البيت في رجب، وقد جاء في الصحيحين: “لا فرع ولا عتيرة” وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم وابن المنذر عن نبيشة قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا؟ قال: اذبحوا لله في أي شهر كان….. الحديث. قال الحافظ في الفتح: ففي هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يبطل الفرع والعتيرة من أصلهما، وإنما أبطل صفة كل منهما، فمن الفرع كونه يذبح أول ما يولد، ومن العتيرة خصوص الذبح في رجب.

أما من جانب القائلين بأنها سنة مؤكدة، فقد استدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ.” الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1977 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : من أفراد مسلم على البخاري.

الذي يدل على أن الأضحية هي سنة مؤكدة، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم سلوكيات خاصة بأيام الأضحى، ومنها الإمساك عن الشعر والأظافر للمضحي. ففي هذا الحديث الشريف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ»، أي: من كان لديه القدرة والاستطاعة على ذبح الأضحية من الإبل أو البقر أو الغنم التي تتوافر فيها الشروط الشرعية، فعليه أن يلتزم بما ورد في السنة.

وعند دخول شهر ذي الحجة وظهور هلاله، يجب على من أراد أن يضحي ألا يأخذ شيئًا من شعره، سواء كان شعر الرأس أو الإبط أو العانة، ولا من أظافره، سواء كانت أظافر اليد أو القدم. بل يجب عليه أن يترك ذلك كله حتى يذبح أضحيته.

وقد جاء هذا التوجيه ليُظهر التشبه بالمحرِم في الحج، كما أن المحرم في الحج لا يأخذ شيئًا من شعره أو أظافره في تلك الفترة، فإن غير المحرم أيضًا له نصيب من شعائر النسك، فيُطلب منه أن يترك ما ذكر من شعر وأظافر. وفي ذلك، يستشعر المسلم ما يشعر به المحرمون من أحوال خاصة، ويستذكر الرحمة والرضوان من الله سبحانه وتعالى، فيسأل الله من فضله ورحمته، ويخشى عذابه.

أيضًا، استندوا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن أمته كما في الحديث: “ثلاث هن علي فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى” أخرجه الحاكم. وهذا يبين أن الأضحية تعد من الأعمال التطوعية التي يحبها الله عز وجل، لكنها ليست فرضًا.

وقد ورد عن الصحابة الكرام، مثل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، أنهما كانا لا يضحيان خشية أن يظن الناس أن الأضحية واجبة. وقد صرح كثير من العلماء القائلين بعدم الوجوب أنه يكره ترك الأضحية للقادر عليها. ولا شك أن تارك الأضحية مع قدرته عليها قد فاته أجر عظيم وثواب كبير، إلا أنه لا يقع في الإثم كما في حالة من ترك الواجبات.

شروط الأضحية في الإسلام

الأضحية في الإسلام لها شروط شرعية يجب على المسلم الالتزام بها لضمان قبول الأضحية عند الله عز وجل. وقد ذكر العلماء شروطًا مهمة يجب أن تتوافر في الأضحية لكي تكون صحيحة وتجزئ عن صاحبها. وفيما يلي توضيح لهذه الشروط مع الأدلة الشرعية:

الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام

يجب أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وهي الإبل، والبقر، والغنم، سواء كان من الضأن أو المعز. جاء في قول الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ} [الحج: 34]. وكما ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ.” الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1963 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : من أفراد مسلم على البخاري.

والمسنة هي الثنية من الإبل والبقر والغنم، ولم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بغير هذه الأنواع من الأنعام، ولا أمر أصحابه بذلك، لذا يجب اتباعه في ذلك.

الشرط الثاني: أن تبلغ الأضحية السن المعتبر شرعاً

يجب أن تبلغ الأضحية السن المحدد شرعًا. فعن النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث المتقدم: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ.” الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1963 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : من أفراد مسلم على البخاري.
المقصود بالمسنة:

  • الثني من الإبل ما تم له خمس سنوات.
  • الثني من البقر ما تم له سنتان.
  • الثني من الغنم ما تم له سنة.
  • الجذع من الضأن ما تم له نصف سنة.

وأفضل الأضحية هي الإبل، ثم البقر، ثم الضأن. كما أن الإبل والبقر تجزئ عن سبعة أفراد، بينما الضأن لا يُجزئ إلا عن شخص واحد فقط. ويُفضل أن يضحي المسلم بنفسه في أضحية مستقلة بدلاً من المشاركة فيها.

الشرط الثالث: أن تكون خالية من العيوب

يجب أن تكون الأضحية خالية من العيوب التي تمنع قبولها، حيث ورد في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ: ماذا يُتَّقى مِن الضَّحايا؟ فقال: أربعٌ: -وقال البَراءُ: ويَدي أقصرُ مِن يدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- العَرجاءُ البَيِّنُ ظَلَعُها، والعَوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والمَريضةُ البَيِّنُ مَرضُها، والعَجفاءُ التي لا تُنقي.” الراوي : البراء بن عازب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 18675 | التخريج : أخرجه الترمذي (1497)، والنسائي (4371)، وأحمد (18675) واللفظ له.

وفي حديث عبيد بن فيروز الديلمي رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: “سألتُ البراءَ بنَ عازبٍ ما لا يجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ قامَ فينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأصابعي أقصرُ من أصابعِه وأناملي أقصرُ من أناملِه فقالَ أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى قالَ قلتُ فإنِّي أكرَه أن يَكونَ في السِّنِّ نقصٌ قالَ ما كرِهتَ فدعهُ ولا تحرِّمهُ علَى أحدٍ.” الراوي : عبيد بن فيروز الديلمي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 2802 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه أبو داود (2802) بلفظه ، والترمذي (1497) ، والنسائي (4370) ، وابن ماجه (3144) جميعا بنحوه.

كما أن هناك عيوبًا مكروهة، ولكنها لا تمنع من الإجزاء مثل أن تكون الأضحية مقطوعة القرن أو الأذن أو الذنب، ولكن يُفضل أن تكون الأضحية خالية من هذه العيوب. ومن الأفضل في الأضحية أن تكون كاملة من حيث الصحة، السمن، وجمال المنظر. وقد قال الله تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “تعظيمها: استسمانها، واستعظامها ، واستحسانها”.

الشرط الرابع: أن يتم الذبح في الوقت المحدد شرعًا

يجب أن يتم ذبح الأضحية في الوقت الشرعي المحدد. يبدأ وقت الذبح بعد صلاة العيد في المواضع التي تقام فيها صلاة العيد، أما من لا يستطيع الصلاة كالمسافر، فيُسمح له بالذبح في الوقت الذي يكفيه لأداء الصلاة. فقد ورد عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَن فَعَلَهُ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنا، ومَن ذَبَحَ قَبْلُ، فإنَّما هو لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأهْلِهِ، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ فَقامَ أبو بُرْدَةَ بنُ نِيارٍ، وقدْ ذَبَحَ، فقالَ: إنَّ عِندِي جَذَعَةً، فقالَ: اذْبَحْها ولَنْ تَجْزِيَ عن أحَدٍ بَعْدَكَ قالَ مُطَرِّفٌ: عن عامِرٍ، عَنِ البَراءِ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ تَمَّ نُسُكُهُ، وأَصابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ.” الراوي : البراء بن عازب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 5545.

وقد ورد ايضا عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَن صَلَّى صَلَاتَنَا، ونَسَكَ نُسُكَنَا، فقَدْ أصَابَ النُّسُكَ، ومَن نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فإنَّه قَبْلَ الصَّلَاةِ ولَا نُسُكَ له، فَقالَ أبو بُرْدَةَ بنُ نِيَارٍ خَالُ البَرَاءِ: يا رَسولَ اللَّهِ، فإنِّي نَسَكْتُ شَاتي قَبْلَ الصَّلَاةِ، وعَرَفْتُ أنَّ اليومَ يَوْمُ أكْلٍ وشُرْبٍ، وأَحْبَبْتُ أنْ تَكُونَ شَاتي أوَّلَ ما يُذْبَحُ في بَيْتِي، فَذَبَحْتُ شَاتي وتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أنْ آتِيَ الصَّلَاةَ، قالَ: شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ. قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، فإنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هي أحَبُّ إلَيَّ مِن شَاتَيْنِ، أفَتَجْزِي عَنِّي؟ قالَ: نَعَمْ، ولَنْ تَجْزِيَ عن أحَدٍ بَعْدَكَ.” الراوي : البراء بن عازب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 955 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (955)، ومسلم (1961).

وورد ايضا عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ضَحَّى خَالِي أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: تِلكَ شَاةُ لَحْمٍ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ عِندِي جَذَعَةً مِنَ المَعْزِ، فَقالَ: ضَحِّ بهَا، وَلَا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ، ثُمَّ قالَ: مَن ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ، فإنَّما ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ.” الراوي : البراء بن عازب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1961 | التخريج : أخرجه البخاري (5556)، ومسلم (1961).

ويستمر وقت الذبح حتى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، أي حتى اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. ويكون بذلك وقت الذبح أربعة أيام متواصلة، كما قال صلى الله عليه وسلم: “كلُّ أيامِ التشْريقِ ذَبحٌ” خلاصة حكم المحدث : صحيح الراوي : جبير بن مطعم | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج زاد المعاد الصفحة أو الرقم : 2/290 | ورواه أحمد وحسنه الألباني.

ذبح الأضحية في الإسلام

كيفية ذبح الأضحية

من المستحب للمسلم الذي أراد أن يضحي أن يذبح أضحيته بنفسه، إذا كان يحسن الذبح، لأنه يعد بذلك تقربًا إلى الله عز وجل. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بيده، حيث نحر ثلاثًا وستين بدنة بيده الكريمة، ثم استناب عليًا رضي الله عنه في نحر ما تبقى. هذا يدل على أن المسلم يمكنه الاستعانة بغيره في حال لم يكن يستطيع الذبح بنفسه، ولكن الأفضل أن يقوم هو بنفسه إذا كان قادرًا على ذلك.

آداب الذبح

من الآداب التي يجب أن يراعيها المسلم أثناء ذبح الأضحية الإحسان إلى الذبيحة، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك في قوله: “ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ.” الراوي : شداد بن أوس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1955 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

فيجب على المسلم أن يحرص على إراحة الذبيحة قبل ذبحها، وأن يذبحها بطريقة مريحة وسريعة لكي يتجنب تعذيبها. من المهم أيضًا أن يستقبل الذابح القبلة أثناء الذبح، وذلك وفقًا للسنة النبوية. أما إذا كانت الأضحية من الإبل، فإنها تُنحر وهي قائمة معقولة يدها اليسرى، وذلك تطبيقًا لقول الله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36]. أما إذا كانت الأضحية من غير الإبل، فإنها تذبح مضجعة على جنبها الأيسر، وذلك لتحقيق الرفق بالذبيحة.

التسمية والتكبير

يستحب أن يقول الذابح عند الذبح: “بسم الله الله أكبر”، ويطلب من الله عز وجل أن يتقبل الأضحية، قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]. هذه التسمية والتكبير تُعد من شعائر الذبح التي تُظهر استحضار النية لله تعالى.

تجزئة الأضحية

تُجزئ الأضحية الواحدة عن الرجل وأهل بيته حتى وإن كانوا كثيرين. فقد ورد في الحديث عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: “كيفَ كانتِ الضَّحايا علَى عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ كانَ الرَّجلُ يُضحِّي بالشَّاةِ عنهُ وعن أهلِ بيتِه فيأكلونَ ويَطعمونَ حتَّى تَباهى النَّاسُ فصارت كما تَرى” الراوي : أبو أيوب الأنصاري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 1505 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه الترمذي (1505) واللفظ له، وابن ماجه (3147). فهذا يدل على أن الأضحية الواحدة تكفي لأهل البيت، ولا يحتاج كل فرد في البيت إلى أضحية منفصلة.

كيفية الاستفادة من الأضحية

يستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي منها، ويتصدق أيضًا. وقد أجمع أهل العلم على أن الأكل من الأضحية يُفضل أن يكون ثلثًا منها، ويُهدي ثلثًا آخر، ويتصدق بالثلث المتبقي. هذا هو الاختيار الأكثر استحسانًا عند أهل العلم لتوزيع الأضحية.

تحريّم بيع الأضحية

من المحرم بيع شيء من الأضحية، سواء كان من اللحم أو الجلد أو الصوف أو غيره، لأنها مال قد أُخرج لله عز وجل، فلا يجوز للمسلم الرجوع فيه كما لا يجوز للإنسان التراجع عن صدقته.
وفي الحديث الصحيح عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره “بَعَثَنِي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُمْتُ علَى البُدْنِ، فأمَرَنِي فَقَسَمْتُ لُحُومَهَا، ثُمَّ أمَرَنِي فَقَسَمْتُ جِلَالَهَا وجُلُودَهَا. وفي رِوايةٍ]: أمَرَنِي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ أقُومَ علَى البُدْنِ، ولَا أُعْطِيَ عَلَيْهَا شيئًا في جِزَارَتِهَا.” الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1716 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه مسلم (1317)، وأبو داود (1769)، وابن ماجة (3099) باختلاف يسير.

أمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم عليًا رضي الله عنه بأن يوزع لحوم الأضحية على المساكين، وبعد أن قسمها، أمره أيضًا بتوزيع الجلال والجلود. والجلال هو ما تستخدمه الدابة من ملابس أو قلائد، وكان ذلك حتى لا يعود شيء من الأضحية إلى المضحي، لأن الأضحية قد أُخرجت لله تعالى. كما أمره ألا يعطي الجزار شيئًا منها مقابل أجرته على العمل الذي قام به، لأن إعطاء الجزار شيئًا من الأضحية مقابل عمله يعتبر بمثابة بيع، وهو محرم. ومع ذلك، يمكن إعطاء الجزار شيئًا من الأضحية على سبيل الهدية أو الصدقة بعد أن يتقاضى أجره، ولا حرج في ذلك.

آداب خاصة بالمضحي في العشر الأوائل من ذي الحجة

السنة للمسلم الذي أراد أن يضحي، إذا دخلت العشر الأوائل من ذي الحجة، أن يمتنع عن أخذ شيء من شعره أو بشرته أو أظفاره حتى يضحي. فقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ.” الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1977 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : من أفراد مسلم على البخاري.

هذا هو الواجب لمن أراد أن يضحي، وذلك لتحقيق الصلة بينه وبين المحرم في مناسك الحج الذي يمتنع عن أخذ شيء من شعره أو أظفاره.

ما حكم الأضحية وما شروطها – الخاتمة

إن الأضحية هي من أعظم شعائر الإسلام التي يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل في عيد الأضحى. وقد بينت الشريعة الإسلامية أحكامها وشروطها بوضوح، مؤكدة على أنها سنة مؤكدة، وأن من تركها مع القدرة عليها فقد فاته أجر عظيم. ينبغي على المسلم أن يحرص على الالتزام بالشروط الشرعية لأضحيته، وأن يُطعم منها الفقراء والمساكين، لتكون بذلك أضحيته مقبولة عند الله تعالى.

والله تعالى أعلم.

Scroll to Top