روى الإمام مالك في الموطأ أن الرقية كانت تُستخدم من قبل الصحابة، واستند الإمام أحمد بن حنبل إلى الرقية الشرعية في أحاديثه، حيث قال: “لا بأس بالرقية إذا كانت من كتاب الله وما يُعرف من الذكر”. كما أيد الإمام الشافعي الرقية الشرعية بشرط أن تكون خالية من أي كلمات غير مفهومة أو شركية، قائلاً: “الرقية إذا كانت من القرآن والأذكار الشرعية فلا مانع منها”.
ومن السنة النبوية، ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: “كُنَّا نَرْقِي في الجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَرَى في ذلكَ؟ فَقالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ” الراوي : عوف بن مالك الأشجعي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2200 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]. هذه الرواية تؤكد على ضرورة أن تكون الرقية مبنية على القرآن والأذكار النبوية الخالصة. وكان أبو حنيفة يشدد على أن الرقية تكون مشروعة إذا التزمت بآيات القرآن الكريم والأدعية الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، معتبراً أن أي تجاوز لذلك يدخل في نطاق البدع.
ويُذكر أن الإمام ابن القيم الجوزية في كتابه زاد المعاد قال: “القرآن شفاء كامل من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، إذا أُحسن استخدامه واستقباله بالإيمان الصادق”. وأكد الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى أن “الرقية الشرعية إذا كانت من القرآن والسنة فهي مباحة ومشروعة وتحقق الخير والبركة للمسلمين”.

الرقية الشرعية ليست مجرد علاج، بل هي وسيلة لتقوية صلة المسلم بالله عز وجل وتعزيز اليقين بقدرته ورحمته. وقد أوصى بها العلماء المعاصرون مثل الشيخ عبد العزيز بن باز، الذي قال: “يجب أن تكون الرقية خالية من كل ما لا يتفق مع الشريعة، وأن تكون بألفاظ واضحة ومعروفة”. وأكد الشيخ محمد بن صالح العثيمين على ضرورة الاعتماد على الرقية الشرعية الصحيحة والابتعاد عن الخرافات والبدع التي قد تؤثر سلباً على عقيدة المسلم.
سنتناول اليوم جميع جوانب الرقية الشرعية بما في ذلك مفهومها وأساسها في القرآن والسنة، كيفية تطبيقها بالشكل الصحيح، وفوائدها، إلى جانب توضيح الأخطاء الشائعة والأسئلة التي قد تدور في ذهن المسلم حول هذا الموضوع الهام.
ما هي الرقية الشرعية؟ مفهوم الرقية الشرعية
الرقية الشرعية هي قراءة آيات من القرآن الكريم وأدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقصد الشفاء والوقاية من الأذى. تعد الرقية وسيلة شرعية ثابتة لا يقتصر دورها على العلاج الروحي فحسب، بل تشمل تعزيز الصلة بالله تعالى والتوكل عليه. قال الله تعالى: “قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ” (فصلت: 44)، مما يوضح أن القرآن هداية وشفاء للمؤمنين. يرشدهم إلى طريق الحق والصراط المستقيم، ويمنحهم من العلوم النافعة ما يحقق لهم الهداية الكاملة ويمدهم بالشفاء من الأمراض الجسدية والروحية، إذ ينهى عن الأخلاق السيئة والأفعال القبيحة، ويشجع على التوبة الصادقة التي تمحو الذنوب وتطهر القلب.
ومن السنة النبوية، جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ” أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَنْفِثُ علَى نَفْسِهِ في مَرَضِهِ الذي قُبِضَ فيه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أنَا أنْفِثُ عليه بهِنَّ، فأمْسَحُ بيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: كيفَ كانَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: يَنْفِثُ علَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ.” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5751 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم العلاج بالرقية الشرعية، فكان يرقي نفسه إذا مرض ويرقي من اشتكى من أهله أو غيرهم. وفي هذا الحديث، تحكي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في مرضه الذي توفي فيه بالمعوذات. والنفث هو نفخ خفيف لا يصاحبه ريق، وهو أقل من التفل. أما المعوذات فهي سورة الفلق وسورة الناس، وقيل يُضاف إليهما سورة الإخلاص.
ورقى النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بهذه السور لما فيها من الاستعاذة الكاملة من كل أنواع الشرور، سواء كانت عامة أو خاصة؛ فهي تتضمن الاستعاذة من شر ما خلق الله، ومن شر الليل وما فيه من أذى، ومن شر السحرة، ومن شر الحاسدين، ومن شر شياطين الإنس والجن.
وكانت صفة النفث أن يجمع النبي صلى الله عليه وسلم كفيه ثم ينفث فيهما ويقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين، ثم يمسح بهما جسده. وقد ذكر العلماء أن النفث بعد قراءة القرآن والأدعية ينقل بركة القراءة إلى البدن، مما يجعل الرقية أكثر تأثيراً، بإذن الله.
وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه عندما اشتد مرض النبي صلى الله عليه وسلم، كانت هي التي ترقيه بالمعوذات وتنثر عليه وتمسحه بيده الشريفة لبركتها. وفي الحديث، سألت معمر بن راشد شيخه محمد بن شهاب الزهري عن كيفية نفث النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذات، فأجابه الزهري بأن النبي كان ينفث في يديه ثم يمسح وجهه الشريف بهما.
ومن الفوائد المستخلصة من هذا الحديث: مشروعية النفث في الرقية، وأهمية المسح باليد عند الرقية، وقيمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وقربها من النبي صلى الله عليه وسلم، ومشروعية أن يرقي الإنسان نفسه أو أن يرقيه غيره.
و أكد الإمام مالك في الموطأ أن الرقية الشرعية ممارسة مشروعة وموصى بها، شرط أن تكون خالية من أي عبارات غير مفهومة أو شركية. وعليه، يقول الإمام الشافعي في الأم: “لا بأس بالرقية ما دامت بكلام الله أو بالأدعية المأثورة”. أما الإمام أحمد بن حنبل فقد نصح باستخدام الرقية، قائلاً: “إذا كانت الرقية من القرآن أو من كلام معلوم فلا بأس بها”.
فالرقية الشرعية تتطلب نية صادقة وإخلاصاً لله عز وجل. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: “الرقية تنفع المؤمن إذا أخلص التوكل على الله، واتخذها وسيلة شرعية بعيداً عن الخرافات”. ويضيف الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد: “ليس للرقية حد محدد، بل هي مفتوحة لكل ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من آيات وأدعية”.
ومن الأمور التي شدد عليها العلماء المعاصرون، مثل الشيخ عبد الرحمن السعدي، أن الرقية الشرعية ينبغي أن تكون متوافقة مع السنة النبوية ومبنية على الآيات والأدعية الواضحة. ويذكر الشيخ عبد العزيز بن باز في فتاويه: “الرقية الشرعية تُستخدم لكشف الحسد والسحر وللشفاء من الأمراض، لكن يجب أن تكون بألفاظ شرعية وأدعية صحيحة”.
إذن، الرقية الشرعية هي وسيلة قوية تجمع بين الأذكار والآيات القرآنية والدعاء الصادق، وتعد جزءاً لا يتجزأ من الممارسات الدينية الصحيحة التي تساعد المسلم في تحصين نفسه وأسرته من الأذى.
كيفية الرقية الشرعية الصحيحة
الرقية الشرعية هي ممارسة إسلامية تعتمد على تلاوة الآيات القرآنية والأدعية المأثورة طلباً للشفاء والحماية من الأذى الروحي والجسدي. لا تقتصر الرقية الشرعية على حالات المرض فقط، بل تشمل التحصين اليومي من الحسد والعين والسحر. في هذا القسم، سنتناول خطوات الرقية الشرعية بالتفصيل، مع ذكر الأدلة من القرآن والسنة وأقوال الأئمة الأربعة والعلماء المعاصرين.
والرقية الشرعية قد بينها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد فقال: “فمن التعوذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، ومنها: التعوذات النبوية. نحو: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. ونحو: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. ونحو: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن. ومنها: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون.
ومنها: اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك. ومنها: أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم. ومنها: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم.
وإن شاء قال: تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو، إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله من دعا، ليس وراء الله مرمى، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. ومن جرب هذه الدعوات والعوذ، عرف مقدار منفعتها، وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن، وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه، واستعداده، وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح، والسلاح بضاربه.“
الشروط الواجب توافرها في الرقية الشرعية
- النية الخالصة والتوكل على الله: قال الله تعالى: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ” (الطلاق: 3). يجب أن تكون نية الراقي والمسترقي التوكل الكامل على الله سبحانه وتعالى. وقد قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: “الرقية تنفع المؤمن إذا كان إيمانه قوياً وثقته بربه عظيمة”.
- أن تكون الرقية بكلام الله أو الأدعية المأثورة: أكد الأئمة الأربعة على ضرورة أن تكون الرقية مشروعة، أي باستخدام كلام الله أو الأدعية الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الإمام أحمد بن حنبل: “لا بأس بالرقية إذا كانت من كتاب الله أو من الذكر المعلوم”.
- استعمال اللغة العربية أو كلمات مفهومة: أشار الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى إلى أن الرقية الشرعية يجب أن تكون بلغة مفهومة، حتى تحقق فائدتها المرجوة، قائلاً: “لا بد أن تكون الرقية بكلام مفهوم ومستند إلى الشرع”.
خطوات القيام بالرقية الشرعية
التحضير للرقية
- الوضوء والطهارة: من المستحب أن يكون الراقي على طهارة، فالوضوء يُعزز من التأثير الروحي للرقية. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: “الوضوء يطهر الجسد ويهيئ النفس للخشوع والاتصال بكلام الله”.
- استحضار النية: ينبغي قبل بدء الرقية استحضار نية الشفاء أو التحصين، مصحوبة بالدعاء الصادق والتوكل على الله.
قراءة الآيات والأدعية المأثورة
- سورة الفاتحة: تُعرف سورة الفاتحة بأنها “الشفاء التام” كما ذكر ابن القيم الجوزية في زاد المعاد. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “انْطَلَقَ نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا علَى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ شَيءٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا؛ لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيءٌ، فأتَوْهُمْ، فَقالوا: يا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا له بكُلِّ شَيءٍ، لا يَنْفَعُهُ؛ فَهلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنكُم مِن شَيءٍ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ: (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)، فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَما به قَلَبَةٌ، قالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقالَ الَّذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الَّذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقالَ: وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ثُمَّ قالَ: قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا. فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.” الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 2276 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (2276)، ومسلم (2201) مختصراً.
- آية الكرسي (البقرة: 255): قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ ، إلَّا الموتُ” الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : ابن حبان | المصدر : بلوغ المرام الصفحة أو الرقم: 97 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (9928)، والطبراني (8/134) (7532) واللفظ له، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (124). آية الكرسي تُقرأ في الرقية لكونها تحتوي على معاني عظيمة في التوحيد والحفظ من الشياطين.
وفي البخاري: أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: صدقك وهو كذوب.
- خواتيم سورة البقرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الآيَتانِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَن قَرَأَهُما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ” الراوي : أبو مسعود عقبة بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 4008 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (4008)، ومسلم (807). هذه الآيات تُعتبر حصناً قوياً من الشياطين والأذى الروحي. وفي حديث آخر: إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان. رواه الترمذي والحاكم والطبراني وقال الهيثمي: رجاله ثقات، وصححه الألباني.
- المعوذتان وسورة الإخلاص: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ المعوذتين وسورة الإخلاص وينفث على نفسه قبل النوم “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5017 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
خطوات الأداء
- النفث والمسح: بعد قراءة الآيات، يُستحب النفث على اليدين ومسح الجسم أو موضع الألم. قالت عائشة رضي الله عنها: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ”
- وضع اليد اليمنى على موضع الألم: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ضَعْ يَدَكَ علَى الَّذي تَأَلَّمَ مِن جَسَدِكَ، وَقُلْ: باسْمِ اللهِ، ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ” الراوي : عثمان بن أبي العاص الثقفي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2202 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- تكرار الرقية: يُستحب تكرار الآيات والأدعية ثلاث مرات أو أكثر حسب الحاجة، كما ذكر ابن القيم في زاد المعاد: “الرقية قد تحتاج إلى التكرار لتعطي أثرها المطلوب”.
استخدام الماء والزيت
- الرقية بالماء المقروء عليه: يُقرأ على الماء آيات الرقية والأدعية، ثم يُشرب منه ويُغتسل به. وقد أشار الإمام أحمد بن حنبل إلى فائدة هذا الاستخدام قائلاً: “الماء الذي يُقرأ عليه آيات من القرآن يُستخدم للشفاء من الأمراض الروحية”.
- الزيت المقروء عليه: كان الإمام ابن القيم ينصح باستخدام الزيت المقروء عليه لتدليك الجسم، خاصة في مواضع الألم، مؤكداً: “الزيت الذي يُقرأ عليه القرآن يساعد على تخفيف الألم وتحقيق الشفاء”.
الأدعية النبوية في الرقية
- “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذَا أتَى مَرِيضًا -أوْ أُتِيَ به- قَالَ: أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5675 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- “أنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: يا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، قالَ: باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شَيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ، باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ” الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم : 2186 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
نصائح إضافية لتطبيق الرقية
- الالتزام بالصبر والثقة بالله: يجب على المسترقي أن يتحلى بالصبر وأن يكون على يقين تام بأن الشفاء من الله. قال الشيخ عبد العزيز بن باز: “الصبر والثقة بالله من أهم عوامل نجاح الرقية الشرعية”.
- تجنب البدع والخرافات: يجب الابتعاد عن أي ممارسات لم ترد في الكتاب أو السنة. أكد الشيخ ابن عثيمين على ذلك قائلاً: “الرقية الشرعية تكون من القرآن والسنة فقط، وأي إضافات غير مأثورة تدخل في نطاق البدع”.
- المداومة على الرقية: أوصى العلماء بالاستمرار في قراءة الرقية بشكل دوري للحماية من الأذى، كما أشار الإمام مالك في الموطأ: “الرقية وسيلة لتحصين المؤمن من الأذى”.
أنواع الرقية الشرعية
تتنوع الرقية الشرعية بحسب الغرض من استخدامها، سواء كان للوقاية من الأذى الروحي أو للعلاج من الأمراض الروحية والجسدية. تختلف أنواع الرقية بناءً على الحاجة، مثل الرقية للحسد والعين، والرقية للسحر، ورقية الأطفال، وغيرها. في هذا القسم، سنشرح بالتفصيل كل نوع من هذه الأنواع، مع الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال العلماء.
1. الرقية الشرعية للعين والحسد
العين والحسد من الأضرار الروحية التي قد تصيب الإنسان وتؤثر على صحته ونفسيته. وقد أثبتت السنة النبوية الشريفة حقيقة العين وتأثيرها، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا” الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2188 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : من أفراد مسلم على البخاري. في إشارة إلى ضرورة التحصن والعلاج من أثر العين.
علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفية العلاج من العين والحسد بالرقية الشرعية، لما للعين من تأثير قد يُسبب الضرر بإرادة الله. فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن العين حق، أي أن الإصابة بها حقيقية وثابتة. العين هي آفة تصيب الإنسان أو الحيوان نتيجة نظرة العائن فتؤثر فيه وقد تُسبب المرض أو الهلاك. قال صلى الله عليه وسلم: “ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين”، تأكيداً على أثرها القوي، مع التوضيح أن كل شيء يقع بإرادة الله وحده، كما قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} (التوبة: 51).
وجه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين للتعاون لدفع ضرر العين عن المعيون، كأن يُطلب من العائن غسل بعض أعضائه ويُصب الماء على المعيون طلباً للشفاء.
آيات وأدعية للرقية من العين والحسد
- سورة الفاتحة: تُقرأ سبع مرات لما لها من فضل عظيم في الشفاء، كما أشار ابن القيم في زاد المعاد: “سورة الفاتحة هي الرقية الأساسية التي تعتمد على قوة اليقين في الشفاء”.
- آية الكرسي (البقرة: 255): تُقرأ للحماية من الأذى، وقد ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ ، إلَّا الموتُ” الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : ابن حبان | المصدر : بلوغ المرام الصفحة أو الرقم: 97 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (9928)، والطبراني (8/134) (7532) واللفظ له، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (124).
- المعوذتان وسورة الإخلاص: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأهما صباحاً ومساءً للتحصين من العين والحسد. قال ابن باز في فتاواه: “الاستمرار على قراءة المعوذتين والإخلاص يحصن المسلم من العين”.
- الأدعية النبوية:
- “مَن قال إذا أمْسى ثلاثَ مَرَّاتٍ: أعوذُ بكَلِماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ، لم تَضُرَّه حُمَةٌ تلك اللَّيلةَ. قال: فكان أهلُنا قد تَعَلَّموها، فكانوا يقولونَها كلَّ لَيلةٍ، فلُدِغتْ جاريةٌ منهم، فلم تَجِدْ لها ألَمًا” الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الفتوحات الربانية الصفحة أو الرقم: 3/95 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه الترمذي (3604)، وأحمد (7898) باختلاف يسير، وأخرجه مسلم (2709) مختصراً بلفظ مقارب. وهو دعاء ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم للحماية من الأذى.
- “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذَا أتَى مَرِيضًا -أوْ أُتِيَ به- قَالَ: أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5675 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- “أنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: يا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، قالَ: باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شَيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ، باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ” الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم : 2186 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
2. الرقية الشرعية للسحر
السحر من الأعمال المحرمة التي تُعتبر من الكبائر، وقد ذكره الله في القرآن الكريم وبيَّن خطورته، كما في قوله تعالى: “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (البقرة: 102). الرقية الشرعية هي وسيلة فعالة لفك السحر وإبطال أثره، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم.
خطوات الرقية لفك السحر
- قراءة سورة البقرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ. قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ. [وفي رواية]: غيرَ أنَّه قالَ: وكَأنَّهُما في كِلَيْهِما، ولَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ مُعاوِيَةَ بَلَغَنِي.” الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 804 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]. وورد عن الإمام ابن كثير في تفسيره أن “البطلة” تعني السحرة، أي أن السحرة لا يستطيعون مواجهة تأثير سورة البقرة ولا الاستفادة منها.
- الآيات الخاصة بفك السحر:
- فمن الآيات المفيدة إن شاء الله في إبطال السحر، ما روى ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله، تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور: الآية التي في سورة يونس: (فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ). وقوله: (فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ… بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [لأعراف:118-121]. وقوله: (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) [طـه:69].
- وقال ابن بطال: في كتاب وهب بن منبه: أنه يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين، ثم يضربه بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم يحسو (يشرب) منه ثلاث حسوات، ثم يغتسل به يذهب عنه كل ما به.
- وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ما أنزل الله على رسوله في إذهاب ذلك، وهما: المعوذتان، وفي الحديث: “لم يتعوذ بمثلهما”.
- الأدعية النبوية:
- قد أخرج الإمام مالك في الموطأ، وأحمد في المسند والنسائي في السنن، والطبراني في المعجم الكبير وغيرهم: “جاءَتِ الشياطِينُ إلى رسولِ اللهِ مِنَ الأوْدِيَةِ، و تَحَدَّرَتْ عليهِ مِنَ الجبالِ، و فيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ من نارٍ يُرِيدُ أنْ يَحْرِقَ بِها رسولَ اللهِ، قال : فَرُعِبَ، قال جَعْفَرٌ : أَحْسَبُهُ قال : جعلَ يَتَأَخَّرُ. قال : و جاء جبريلُ فقال : يا محمدُ ! قُلْ. قال : ما أَقُولُ ؟ قال : قُلْ : ” أعوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ التي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فَاجِرٌ، من شرِّ ما خلقَ و ذَرَأَ و بَرَأَ، و من شرِّ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ، و من شرِّ ما يَعْرُجُ فيها، و من شرِّ ما ذَرَأَ في الأرضِ، و من شرِّ ما يخرجُ مِنْها، و من شرِّ فِتَنِ الليلِ و النَّهارِ، و من شرِّ كلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يا رَحْمَنُ ! “، فَطَفِئَتْ نارُ الشَّيَطانِ، و هَزَمَهُمْ اللهُ عزَّ و جلَّ.” الراوي : عبدالرحمن بن خنبش | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة الصفحة أو الرقم : 2995 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
- “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ، ويقولُ: إنَّ أَبَاكُما كانَ يُعَوِّذُ بهَا إسْمَاعِيلَ وإسْحَاقَ: أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِن كُلِّ شيطَانٍ وهَامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ.” الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3371 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (3371)
رقية الممسوس والمسحور
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: “الرقية الشرعية تفيد في إبطال السحر إذا كانت مبنية على القرآن والسنة، مع الإخلاص التام لله تعالى”. وأشار الشيخ ابن باز إلى ضرورة قراءة آيات معينة مع تكرارها بنية فك السحر وتحرير المسحور. وقال ابن ملفح في الآداب الشرعية: وأما علاج المسحور، فإما باستخراجه وتبطيله كما في الخبر، فهو كإزالة المادة الخبيثة. وهو يشير بذلك إلى حديث سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم: “سَحَرَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلٌ مِن بَنِي زُرَيْقٍ، يُقَالُ له: لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ، حتَّى كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه كانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وما فَعَلَهُ، حتَّى إذَا كانَ ذَاتَ يَومٍ -أوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ- وهو عِندِي، لَكِنَّهُ دَعَا ودَعَا، ثُمَّ قَالَ: يا عَائِشَةُ، أشَعَرْتِ أنَّ اللَّهَ أفْتَانِي فِيما اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ أتَانِي رَجُلَانِ، فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي، والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أحَدُهُما لِصَاحِبِهِ: ما وجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: مَن طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ، قَالَ: في أيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: في مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ، وجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ: وأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: في بئْرِ ذَرْوَانَ. فأتَاهَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في نَاسٍ مِن أصْحَابِهِ، فَجَاءَ فَقَالَ: يا عَائِشَةُ، كَأنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، أوْ كَأنَّ رُؤُوسَ نَخْلِهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ. قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفلا اسْتَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: قدْ عَافَانِي اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أنْ أُثَوِّرَ علَى النَّاسِ فيه شَرًّا فأمَرَ بهَا فَدُفِنَتْ.” الراوي : خولة بنت حكيم | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2708 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
3. الرقية الشرعية للأطفال
تعتبر رقية الأطفال من الأمور المهمة لتحصينهم من الأذى الروحي مثل الحسد والعين. كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي الحسن والحسين رضي الله عنهما ويقول: “أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة” (رواه البخاري). وقد ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين أن رقية الأطفال تساعد في حماية الطفل من أي أذى قد يتعرض له.
كيفية رقية الأطفال
- قراءة المعوذتين وسورة الإخلاص: تُقرأ ثلاث مرات مع النفث بعد كل قراءة ومسح جسد الطفل. ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: ” أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5017 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]. ففي مسند أحمد عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزلت علي سورتان فتعوذوا بهن فإنه لم يتعوذ بمثلهن، يعني المعوذتين.
- الأدعية النبوية: استخدام دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الوارد عن تحصين الأطفال: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ، ويقولُ: إنَّ أَبَاكُما كانَ يُعَوِّذُ بهَا إسْمَاعِيلَ وإسْحَاقَ: أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِن كُلِّ شيطَانٍ وهَامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ.” الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3371 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (3371).
- التحصين اليومي: يُفضل المداومة على قراءة آية الكرسي والمعوذتين وسورة الإخلاص يومياً لتحصين الطفل.
4. الرقية الشرعية العامة للتحصين
لا تقتصر الرقية الشرعية على حالات الإصابة بالأذى فقط، بل تُستخدم أيضاً كوسيلة للتحصين اليومي والوقاية من الأذى قبل وقوعه. قال ابن القيم في زاد المعاد: “الرقية هي حماية للمؤمن من الشرور التي قد تحيط به”. للاستزادة في تحصين النفس والاقتراب من الله، ندعوك لقراءة مقالتنا حول أذكار الصباح والمساء وأهميتها في حياة المسلم وفوائدها العظيمة للحماية والطمأنينة.
آيات وأدعية للتحصين
- آية الكرسي: تُقرأ مرة صباحاً ومساءً. قال الإمام الشافعي: “من أعظم آيات الحماية والتحصين من كل أذى”.
- المعوذتان والإخلاص: تُقرأ ثلاث مرات صباحاً ومساءً للتحصين.
- الأدعية النبوية: “مَن قال: بسمِ اللهِ الذي لا يَضرُ مع اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ وهو السميعُ العليمِ . ثلاثُ مراتٍ ، لم تصبْه فجأةُ بلاءٍ حتى يُصبحَ ، ومَن قالها حينَ يُصبحُ ثلاثَ مراتٍ لم تُصبْه فجأةُ بلاءٍ حتى يُمسي.” الراوي : عثمان بن عفان | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 5088 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه أبو داود (5088) واللفظ له، والترمذي (3388)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9843)، وابن ماجه (3869)، وأحمد (446)، ثلاث مرات صباحاً ومساءً.
فوائد الرقية الشرعية
الرقية الشرعية ليست مجرد وسيلة للعلاج، بل هي عبادة تعزز صلة المسلم بالله سبحانه وتعالى وتقوي إيمانه وتزيد من يقينه بأن الشفاء والحماية تأتي من عند الله وحده. في هذا القسم، سنتناول فوائد الرقية الشرعية المختلفة، مدعومة بالأدلة الشرعية وأقوال العلماء.
1. الفوائد الروحية للرقية الشرعية
- تقوية الإيمان والتوكل على الله: تُظهر الرقية الشرعية اعتماد المسلم الكامل على الله تعالى في الشفاء والحماية. قال الله تعالى: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” (الشعراء: 80)، مما يرسخ في نفس المسلم أن الله هو الشافي الحقيقي. وأكد الإمام ابن القيم في زاد المعاد على أن الرقية الشرعية تساهم في تقوية الإيمان وتزيد من اليقين بأن الشفاء من الله وحده.
- إزالة الخوف والقلق: الرقية الشرعية تساعد في تهدئة النفس وإزالة القلق والخوف، حيث إن تلاوة آيات القرآن الكريم والأدعية المأثورة تُحدث طمأنينة في النفس. قال الله تعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” (الرعد: 28).
2. التأثيرات العلاجية للرقية الشرعية
- شفاء الأمراض الروحية والجسدية: الرقية الشرعية تساعد في الشفاء من العديد من الأمراض الجسدية والروحية. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا” الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2188 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : من أفراد مسلم على البخاري. وقال الإمام أحمد بن حنبل: “الرقية إذا كانت من القرآن فهي مباركة، وتشفي بأمر الله”.
- التخلص من السحر وأثر العين: الرقية الشرعية فعالة في التخلص من آثار السحر والعين، حيث إنها تعتمد على آيات القرآن الكريم التي تُبطل أثر السحر وتُبعد الشياطين. قال الله تعالى: “فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ“ (الأعراف: 118-120).
- الوقاية من الأمراض المستقبلية: استخدام الرقية كوسيلة لتحصين النفس يساعد في الوقاية من الأمراض الروحية، مثل الحسد والعين والسحر، قبل وقوعها. وقد ذكر الشيخ عبد العزيز بن باز أن الرقية الشرعية تُستخدم للوقاية من كل أنواع الأذى، وهي من أفضل الوسائل لحماية المسلم.
3. التحصين من الأذى والمكروه
- الحماية من الشياطين والجن: الرقية الشرعية تُعتبر حصناً للمسلم ضد الشياطين والجن، خاصة عند قراءة آية الكرسي بانتظام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أن مَن قرأها [يعني : آيةَ الكرسيِّ] عندَ النومِ لا يزالُ عليه من اللهِ حافظٌ , ولا يقربُه شيطانٌ حتى يُصبِحَ” المحدث : ابن باز | المصدر : مجموع فتاوى ابن باز | الصفحة أو الرقم : 454/3 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- الحماية من العين والحسد: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا.” (رواه مسلم). وأكد الإمام الشافعي أن الرقية من أفضل الوسائل لتحصين النفس من العين والحسد، حيث تعتمد على تلاوة القرآن والدعاء الصادق.
4. الفوائد النفسية والاجتماعية
- تعزيز الراحة النفسية: تلاوة الآيات والأدعية أثناء الرقية تمنح النفس راحة وسكينة. قال الله تعالى: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا” (الإسراء: 82). وأوضح الإمام ابن كثير في تفسيره أن هذه الآية تعني أن القرآن فيه شفاء للقلوب والأجساد، ويجلب الراحة للمؤمنين.
- تقوية الروابط الاجتماعية: الرقية الشرعية يمكن أن تُمارس جماعياً، مثل رقية أفراد الأسرة بعضهم لبعض، مما يعزز الروابط الأسرية ويزيد من الترابط والمحبة بينهم. وقال الشيخ ابن عثيمين: “الرقية التي تُقرأ داخل الأسرة تزيد من الألفة والمحبة وتجلب البركة”.
نصائح وإرشادات للرقية الشرعية
تطبيق الرقية الشرعية بشكل صحيح يستلزم اتباع بعض النصائح والإرشادات التي تساعد على تحقيق أفضل النتائج، مع تجنب الأخطاء الشائعة التي قد تؤثر سلباً على فعاليتها. في هذا القسم، سنتناول النصائح المهمة لضمان أداء الرقية الشرعية بالشكل الصحيح، مع الاستناد إلى الأدلة الشرعية وأقوال العلماء.
1. متى يجب اللجوء إلى الرقية الشرعية؟
- الرقية كوسيلة للوقاية والتحصين: تُستخدم الرقية الشرعية كوسيلة وقائية لتحصين النفس من الأذى مثل الحسد والعين والسحر.
- عند ظهور أعراض المرض الروحي: إذا شعر المسلم بأعراض غير طبيعية مثل الصداع المتكرر، الأرق، الضيق النفسي بدون سبب واضح، أو تغيرات في السلوك، فقد يكون من المناسب اللجوء إلى الرقية. وقد أكد الشيخ ابن باز على أن الرقية الشرعية علاج مفيد لكل هذه الحالات، بشرط الالتزام بالشروط الشرعية.
2. كيفية الحفاظ على الإيمان أثناء العلاج
- اليقين بأن الشفاء من عند الله: يجب على المسترقي أن يكون على يقين تام بأن الشفاء يأتي من عند الله وحده، مستعيناً بالرقية كوسيلة شرعية. قال الله تعالى: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” (الشعراء: 80). وأكد الشيخ محمد بن صالح العثيمين على أهمية الثقة بالله خلال العلاج، قائلاً: “الاعتماد القلبي الكامل على الله يعزز من تأثير الرقية ويجعلها أكثر فعالية”.
- الابتعاد عن الشكوك والوساوس: ينبغي الابتعاد عن الشكوك التي قد تُضعف الإيمان بالرقية، والابتعاد عن الأفكار السلبية. ذكر الإمام الشافعي: “الرقية تعتمد على يقين الراقي والمسترقي في قدرة الله على الشفاء”.
3. تجنب الرقية غير الشرعية والممارسات البدعية
- التمسك بالرقية الشرعية الصحيحة: يجب الالتزام بالآيات القرآنية والأدعية النبوية دون اللجوء إلى طقوس أو وسائل غير مشروعة. يقول الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: “كل رقية أو وسيلة تُضاف إلى الرقية الشرعية مما لم يرد في الكتاب أو السنة فهو من البدع التي يجب تركها”.
- تجنب استخدام التمائم والأحجبة: حذر النبي صلى الله عليه وسلم من استخدام التمائم، حيث قال: “من علَّق تميمةً فقد أشركَ” الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم : 6394 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (17422)، والحارث في ((المسند)) (563) واللفظ لهما، والحاكم (7513) باختلاف يسير. وأكد الشيخ عبد العزيز بن باز أن الاعتماد على التمائم والأحجبة يعتبر من الشرك الصغير الذي يجب الابتعاد عنه، مع الاستعاضة بالرقية الشرعية الصحيحة.
4. نصائح عملية لتطبيق الرقية الشرعية
- اختيار الوقت المناسب: يُفضل أن تُقرأ الرقية في أوقات الهدوء والسكينة، مثل بعد صلاة الفجر أو قبل النوم، لضمان التركيز الكامل. وقد أشار الإمام مالك في الموطأ إلى أن الرقية تُعزز من فعالية الأذكار والأدعية عند قراءتها في أوقات الصفاء النفسي.
- التركيز والتأني في القراءة: يجب قراءة الآيات والأدعية بتركيز وتدبر، مع النفث الخفيف بعد القراءة.
- الالتزام بالصبر والاستمرار: الرقية قد تتطلب وقتاً لتظهر نتائجها، ومن المهم أن يتحلى المسلم بالصبر ويستمر في تكرار الرقية بانتظام. قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: “الاستمرار في الرقية يعزز من تأثيرها ويؤدي بإذن الله إلى الشفاء التام”.
5. نصائح للمعالجين بالرقية الشرعية
- التأكد من النية الصافية: يجب على المعالج أن يكون هدفه الأساسي هو مساعدة الناس وتقديم النصح والإرشاد الصادقين، مع تجنب استخدام الرقية كوسيلة للكسب غير المشروع. قال الشيخ ابن عثيمين: “الرقية عبادة، ويجب أن تُمارس بنية خالصة لوجه الله”.
- التعامل بحذر مع الحالات المعقدة: إذا كانت الحالة تستدعي ذلك، يمكن أن ينصح المعالج بالتوجه إلى العلماء أو المختصين في الشريعة لمزيد من التوجيه والإرشاد.
الأخطاء الشائعة في الرقية الشرعية
على الرغم من وضوح الأسس الشرعية للرقية، يقع البعض في أخطاء قد تؤدي إلى تقليل فعاليتها أو تجعلها غير مقبولة شرعاً. في هذا القسم، سنستعرض أبرز الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها عند أداء الرقية الشرعية، مع توضيح الأدلة الشرعية وأقوال العلماء.
1. استخدام التمائم والأحجبة
من الأخطاء الشائعة استخدام التمائم والأحجبة ظناً بأنها تُعزز من فعالية الرقية أو تُحصن الشخص من الأذى. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من علَّق تميمةً فقد أشركَ” الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم : 6394 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (17422)، والحارث في ((المسند)) (563) واللفظ لهما، والحاكم (7513) باختلاف يسير. وأكد الشيخ عبد العزيز بن باز أن التمائم تعد من صور الشرك الأصغر الذي يجب على المسلم تجنبه.
2. قراءة الرقية بغير اللغة العربية
قد يلجأ البعض إلى قراءة الرقية بلغة غير العربية أو استخدام عبارات غير مفهومة. وقد شدد الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى على أن الرقية يجب أن تُقرأ بلغة مفهومة ومعروفة حتى تحقق الفائدة المرجوة.
3. الاعتماد على الرقية التجارية
ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الممارسات غير المشروعة التي تتمثل في بيع “رقى تجارية” مثل زجاجات الماء المقروء عليها أو الأدعية المكتوبة بأسعار مبالغ فيها. قال الشيخ ابن عثيمين: “الرقية عبادة ويجب أن تكون مجانية أو بنية خالصة لوجه الله”، وشدد على أن البيع التجاري للرقى يعد من الممارسات التي لا أصل لها في السنة.
4. الرقية الجماعية بدون ضوابط
تُعد الرقية الجماعية التي لا تراعي الضوابط الشرعية من الأخطاء التي قد تؤدي إلى خلط بين السنة والبدعة. ذكر الشيخ الألباني أن الرقية الجماعية مشروعة بشرط أن تكون منظمة وتخلو من المبالغات أو الأصوات العالية التي تفقدها طابعها الروحي.
5. الاعتماد الكلي على الرقية وإهمال العلاج الطبي
يجب على المسلم أن يجمع بين التداوي بالرقية الشرعية والعلاج الطبي عند الحاجة. “شَهدتُ الأعرابَ يسألونَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ أعلينا حرجٌ في كذا أعلَينا حرجٌ في كذا فقالَ لَهم عبادَ اللَّهِ وضعَ اللَّهُ الحرجَ إلَّا منِ اقترضَ من عرضِ أخيهِ شيئًا فذاكَ الَّذي حُرِجَ فقالوا يا رسولَ اللَّهِ هل علينا جناحٌ أن لا نتداوى قالَ تداوَوا عبادَ اللَّهِ فإنَّ اللَّهَ سبحانَهُ لم يضع داءً إلَّا وضعَ معَهُ شفاءً إلَّا الْهرمَ قالوا يا رسولَ اللَّهِ ما خيرُ ما أعطِيَ العبدُ قالَ خُلُقٌ حسنٌ” الراوي : أسامة بن شريك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 2789 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه أبو داود (2015، 3855) مفرقاً، الترمذي (2038)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7553)، وابن ماجه (3436) واللفظ له، وأحمد (18454) باختلاف يسير. وذكر الشيخ عبد الرحمن السعدي أن الرقية الشرعية هي وسيلة مكملة للعلاج وليست بديلاً عنه.
الأسئلة الشائعة حول الرقية الشرعية
الرقية الشرعية تثير الكثير من التساؤلات لدى المسلمين، خاصةً حول كيفية تطبيقها وأحكامها. في هذا القسم، سنستعرض مجموعة من الأسئلة الشائعة حول الرقية الشرعية مع تقديم أجوبة مدعومة بالأدلة الشرعية وأقوال العلماء.

ما هي الرقية الشرعية؟ الخاتمة
الرقية الشرعية هي هبة عظيمة من الله عز وجل، تجمع بين العلاج الروحي والتحصين النفسي والجسدي. هي وسيلة شرعية تعزز من إيمان المسلم وتقربه من الله، وتذكره بأن الشفاء والحماية لا تأتي إلا منه. يجب أن يلتزم المسلم بالشروط الصحيحة للرقية ويتجنب الممارسات البدعية، مع الاعتماد على الأدلة الواضحة من القرآن والسنة وأقوال العلماء. إن اتباع الرقية الشرعية بالشكل الصحيح يساعد في تحقيق الشفاء والطمأنينة، ويعزز من ثقة المسلم بالله، موقناً أنه وحده الشافي الكافي.
والله أعلم.