وقد بيّن الله عز وجل في كتابه الكريم ضوابط العلاقة بين الرجل والمرأة، وحصر إشباع الشهوة في إطار الزواج الشرعي. قال تعالى: “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ“ (المؤمنون: 5-7).
قال السلف في تفسير هذه الآية، كما نقل ابن كثير رحمه الله في تفسيره: “إن الله تعالى مدح المؤمنين بحفظ فروجهم إلا فيما أحل لهم من الأزواج أو ما ملكت أيمانهم، ومن تعدى ذلك إلى الحرام فقد اعتدى”. ومن هذا يُفهم أن العادة السرية تدخل في دائرة الاعتداء على حدود الله.
وفي السنة النبوية، جاء الحديث الشريف الذي رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كُنْتُ مع عبدِ اللَّهِ، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بمِنًى، فَقالَ: يا أبَا عبدِ الرَّحْمَنِ، إنَّ لي إلَيْكَ حَاجَةً، فَخَلَوَا، فَقالَ عُثْمَانُ: هلْ لكَ يا أبَا عبدِ الرَّحْمَنِ في أنْ نُزَوِّجَكَ بكْرًا، تُذَكِّرُكَ ما كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عبدُ اللَّهِ أنْ ليسَ له حَاجَةٌ إلى هذا أشَارَ إلَيَّ، فَقالَ: يا عَلْقَمَةُ، فَانْتَهَيْتُ إلَيْهِ وهو يقولُ: أمَا لَئِنْ قُلْتَ ذلكَ، لقَدْ قالَ لَنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ.” الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث: البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 5065 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه مسلم (1400) باختلاف يسير.

فالحديث يُظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الشباب الذين لا يقدرون على الزواج إلى الصوم كوسيلة لضبط النفس وكبح الشهوة، ولم يُشر إلى العادة السرية كخيار، مما يدل على أنها محرّمة.
أما في شهر رمضان، فإن خطورة هذه الفعلة تتضاعف، لأنها تُنافي مقاصد الصيام التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 13/239 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151)، والترمذي (764)، والنسائي (2215)، وابن ماجه (1638)، وأحمد (7494) واللفظ له.
والشهوة هنا تشمل كل ما يتعلق بإشباع الغريزة، بما في ذلك العادة السرية. ولذلك، فإن القيام بها في رمضان يُعد من المعاصي التي تُذهب بأجر الصيام، وتنافي التقوى التي هي الغاية الكبرى من فرض الصوم.
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: “الصوم حصن العبد من شهواته، ومن أفسد صومه بالمعاصي فقد أخلّ بحصنه”. وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: “الصوم جامعٌ لمكارم الأخلاق، وما اجتمع مع الصوم معصية إلا وأفسدته”.
وعليه، فإن ممارسة العادة السرية في رمضان تفسد الصيام وتوجب القضاء عليه، ولكنها ليست من الكبائر حسب رأي جمهور العلماء. فوجب على المسلم أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، ويجتهد في الطاعات، ويبتعد عن كل ما يُعرضه لسخط الله، خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي يُضاعف فيه الأجر لمن اجتهد، ويُغفر فيه الذنب لمن تاب.
مفهوم العادة السرية في الإسلام
إن الحديث عن العادة السرية في الإسلام يستوجب الرجوع إلى النصوص الشرعية التي حددت طبيعة العلاقة بين الإنسان وشهوته، ووضعت الضوابط الشرعية التي تحكم هذا الأمر. فالعادة السرية تُعرف بأنها استدعاء الإنسان لشهوته الجنسية بوسائل غير مشروعة خارج إطار الزواج، وهو فعل حرَّمه العلماء استنادًا إلى الأدلة من الكتاب والسنة، لما فيه من مخالفة للفطرة السليمة التي أمر الله تعالى باتباعها.
قال الله عز وجل: “وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” (الإسراء: 32). وقد بيّن العلماء أن التحذير من الاقتراب من الزنا يشمل كل وسيلة أو فعل يؤدي إلى إشباع الشهوة بطريقة غير مشروعة، ومن ذلك العادة السرية. وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره أن “كل ما يدفع إلى الوقوع في الفاحشة فهو محرم ولو كان دون الزنا”.
وفيما يتعلق بالأحاديث النبوية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأمة إلى طرق مشروعة لضبط النفس وإشباع الغريزة، حيث قال: “مَن يَضْمَن لي ما بيْنَ لَحْيَيْهِ وما بيْنَ رِجْلَيْهِ، أضْمَنْ له الجَنَّةَ” الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6474 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
وقد علق العلماء على هذا الحديث بأن لسان الإنسان وفرجه من النعم العظيمة التي أنعم الله بها على عباده، وهما من مظاهر خلقه البديع. فاللسان على صغر حجمه، عظيمٌ أثره في الخير أو الشر، فقد يكون سبباً لدخول الجنة أو سبباً في سقوط صاحبه في النار. أما الفرج فهو موضع لصيانة الشرف وحفظ الأعراض والنسل. لذلك، يجب على المسلم أن يحرص على حفظهما وصيانتهما.
وفي هذا الحديث الشريف، يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من يؤدي حقوق الله فيما يتعلق بلسانه وفرجه، يضمن له الجنة. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى اللسان بعبارة «ما بين لحييه»؛ حيث يقع اللسان بين عظمي الفكين. وهذا يتضمن اجتناب المحرمات المتعلقة باللسان، مثل الغيبة، والنميمة، والسب، والقذف، وما شابهها، والالتزام بالواجبات كذكر الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
وكذلك يشمل الحديث حفظ الفرج مما حرمه الله، كالزنا والفواحش واللواط وكل وسيلة تؤدي إلى هذه الآثام. فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضمن لمن يحفظ لسانه وفرجه الجنة، بينما ينتظر العذاب من يفرط فيهما.
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم اللسان والفرج بالذكر لأنهما من أعظم أسباب الفتنة والبلاء للإنسان في الدنيا. فمن وُقي شرهما فقد وُقي أعظم الشر. وكما أن النفس مجبولة على شهوة النساء، فإن اللسان كذلك له شهوة في الكلام، وبعض الناس يجدون لذة في الخوض في أعراض الآخرين.
أما السلف الصالح، فقد جاء عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “ما من شيء أعظم عند الله من حفظ الفرج، لأنه أمانة بين العبد وربه”. وقال الحسن البصري رحمه الله: “إن الشهوة إذا استحكمت على العبد أفسدت عليه دينه، فجاهدوا شهواتكم قبل أن تجاهدكم”.
ومن هذا يُفهم أن الإسلام حرص على تهذيب النفس البشرية وتوجيهها نحو الإشباع الحلال في إطار الزواج، وحذَّر من اتباع الشهوات بأي صورة غير مشروعة، لما يترتب على ذلك من آثار سلبية على الجسد والروح. ولذلك فإن ممارسة العادة السرية تُعتبر من المحرمات التي حذرت منها الشريعة لما فيها من مخالفة لأوامر الله عز وجل، وتعدٍ على حدوده.
وفي شهر رمضان، يصبح الأمر أشد خطورة، حيث إن المسلم مطالب بالترفع عن الشهوات والالتزام بطاعة الله عز وجل. فالعادة السرية في رمضان لا تقتصر على كونها معصية، بل تفسد روح الصيام وتُذهب أجره، لأن الصيام ليس فقط عن الطعام والشراب، بل عن كل ما يُنافي التقوى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الصيامُ جُنَّةٌ ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن الملقن | المصدر : البدر المنير | الصفحة أو الرقم : 5/706 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151) باختلاف يسير.
ولذلك يجب على المسلم أن يُدرك أن العادة السرية ليست فقط مخالفة شرعية، بل إنها تُنافي مقاصد الصوم وتهدم روحانيته، مما يجعلها من الأمور التي يجب اجتنابها بكل الوسائل في هذا الشهر المبارك.
الكبائر في الإسلام: تعريفها وأهميتها
إن الكبائر في الإسلام هي المعاصي التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها في كتابه الكريم، أو نهى عنها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة، واقترنت هذه المعاصي بوعيد شديد كعقاب في الدنيا أو عذاب في الآخرة. والكبائر تُعتبر من أخطر الذنوب لأنها تُظهر ضعف التقوى وقلة الالتزام بأوامر الله، وهي تتطلب من المسلم التوبة الصادقة حتى تُغفر.
قال الله عز وجل: “إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا” (النساء: 31).
وقد أشار المفسرون، كابن كثير وغيره، إلى أن اجتناب الكبائر شرط من شروط تكفير السيئات الصغيرة، وهو دليل على أهمية الابتعاد عن هذه الذنوب الكبيرة لضمان النجاة يوم القيامة.
وفي السنة النبوية، وردت أحاديث كثيرة تبين الكبائر وأوصافها، ومنها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ.” الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 2766 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89).
فهذا الحديث يوضح أن الكبائر هي الذنوب التي تُهلك صاحبها إذا لم يتب منها، وقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم بعضها بحدود واضحة، مثل الزنا والشرك.
أما العلماء، فقد عرّفوا الكبائر بأنها كل ذنب ورد فيه نص شرعي يتوعد بعقاب شديد، أو يتصل به حد في الدنيا، أو غضب من الله في الآخرة. ومن أقوال السلف في تعريف الكبائر، ما قاله الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: “الكبائر ما عُلم بالنصوص من الكتاب والسنة أنه عظيم، كالشرك، والزنا، والسرقة، وشهادة الزور”.
وفيما يتعلق بشهر رمضان، فإن اجتناب الكبائر يُصبح من أعظم الواجبات، لأن شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري).
وقد فسر العلماء هذا الحديث بأن المغفرة مشروطة بالإيمان والاحتساب، وأن الكبائر تحتاج إلى توبة خاصة. ولهذا فإن الكبائر، ومنها المعاصي التي تمس الشهوات كالعادة السرية، إذا وقعت في رمضان تُنافي مقاصد الصوم وتُذهب أجره، وتجعل العبد بعيدًا عن رحمة الله.
وقال الحسن البصري رحمه الله: “شهر رمضان موسم للطاعة، فلا تجعله موسمًا للعصيان، واحذر أن تُغلق أبواب الجنة عنك بمعصية”. فهذا القول يلخص أهمية اجتناب الكبائر، خاصة في هذا الشهر الكريم، حيث يُضاعف الأجر للمطيع، وتتعاظم العقوبة على العاصي.
إن إدراك خطورة الكبائر وفهم عواقبها هو الخطوة الأولى للابتعاد عنها، خصوصًا في شهر رمضان، حيث يجب على المسلم أن يلتزم بطاعة الله في السر والعلن، ويحرص على أن يكون صيامه صحيحًا من كل شائبة تُفسده أو تُنقص أجره.
هل ممارسة العادة السرية في رمضان تعتبر من الكبائر؟
إن الإجابة عن سؤال هل ممارسة العادة السرية في رمضان تعتبر من الكبائر تستلزم العودة إلى النصوص الشرعية وأقوال العلماء الراسخين الذين استنبطوا الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة وفق منهج أهل السنة والجماعة. العادة السرية، أو ما يُعرف بالاستمناء، محرم في عموم الشريعة الإسلامية كما بينا سابقًا، ولكن في رمضان تزداد خطورة هذا الفعل، حيث يتعارض مع مقاصد الصيام التي شرعها الله عز وجل.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: “فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ” (المؤمنون: 7). هذه الآية جاءت بعد أن ذكر الله عز وجل المؤمنين الذين يحفظون فروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، فبيّن أن من يتجاوز ذلك فهو من المعتدين. وقد قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: “الاعتداء يشمل كل ما جاوز الحلال إلى الحرام، سواء بالزنا أو الاستمناء أو أي وسيلة أخرى”. وهذا يبين أن العادة السرية تدخل ضمن المحرمات لأنها تجاوز لما أباحه الله.
وقال الله تعالى في الحديث القدسي: “يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 13/239 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151)، والترمذي (764)، والنسائي (2215)، وابن ماجه (1638)، وأحمد (7494) واللفظ له.
هذا النص يظهر أن من أعظم مقاصد الصيام كف النفس عن الشهوات بكل أنواعها، ومنها الشهوة الجنسية. ومن هنا فإن ممارسة العادة السرية تُعد اعتداءً على حرمة الصيام، مما يجعلها كبيرة في سياق رمضان، لأنها تنتهك شرطًا أساسيًا لصحة الصوم، وهو الامتناع عن الشهوات.
وفي حديث آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 707 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (1903)، وأبو داود (2362)، والترمذي (707) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3246)، وابن ماجه (1689)، وأحمد (10562).
قال العلماء في تفسير هذا الحديث: إن المقصود به أن الصيام ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو اجتناب المعاصي بأنواعها. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: “المعاصي تُذهب روح الصيام، فإن الصوم فرض لتزكية النفس، فما اجتمع معه معصية إلا أفسدت عليه مقصوده”.
وقد أكد العلماء على ذلك في أقوالهم، حيث قال الإمام ابن قدامة في “المغني”: “الاستمناء موجب للقضاء والكفارة إذا وقع عمدًا في نهار رمضان، لأنه شهوة تنافي الصوم وتُفطر صاحبه، كما الجماع يُفطر الصائم”. ونقل عن الإمام أحمد بن حنبل قوله: “الصوم هو ترك الشهوة الحلال في وقت معين، فمن أطلق شهوته في الحرام فقد نزع البركة من صيامه”.
ومن أقوال السلف، قال الحسن البصري رحمه الله: “من عظم شعائر الله ترك الذنوب في السر والعلن، ومن انتهك حرمات الله في رمضان فكيف يطلب المغفرة؟”. وهذا يوضح أن ترك المعاصي عامة في رمضان، ومنها العادة السرية، هو دليل على تعظيم الشهر الكريم.
أما الإمام مالك بن أنس، فقد قال في “الموطأ” إن الصوم عبادة توقيفية، وأي انتهاك للشهوة في نهار رمضان، سواء بالجماع أو غيره، يفسد الصيام ويُوجب التوبة. كما نقل عن الإمام أبو حنيفة النعمان أن ممارسة العادة السرية تُعد مفطرة، لأنها تُشبه الجماع في إخراج المني عمدًا، مما يُناقض مقاصد الصيام.
وقد ورد عن الصحابة والتابعين ما يُبين أهمية اجتناب هذه المعصية. فقد قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: “احفظوا فروجكم في نهاركم، فإن الله يراكم”، وقال سعيد بن المسيب: “الصوم جنة للعبد، فلا يُدخل فيه ما يفسده”. كما ذكر الإمام الشافعي أن من أفسد صومه بشهوة عمدًا فقد أخلّ بمقصود العبادة.
وبالنظر إلى أقوال العلماء والأئمة الأربعة، يتضح أن ممارسة العادة السرية في رمضان تُعتبر من الكبائر إذا اقترنت بالاستهتار بحرمة الشهر الكريم، لأنها تُفسد الصيام، وتُنافي مقاصده، وتُعرض صاحبها لسخط الله. ولهذا، وجب على المسلم أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، وأن يُدرك عظمة هذا الشهر الكريم في تهذيب النفس وتقريبها من الله.
فإن التزام المسلم بترك المحرمات في رمضان وخارجه دليل على تعظيمه لشعائر الله، وخوفه من عقابه، ورجائه لرحمته. وقد قال الله عز وجل: “ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج: 32).
أما عن تصنيف ممارسة العادة السرية ضمن الكبائر، فقد اتفق عدد من العلماء على أنها تندرج تحت الكبائر إذا اقترنت بالاستهتار بحرمة الشهر، لما فيها من انتهاك ظاهر لحُرمة الصيام وعدم توقير أوامر الله عز وجل. وقد قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: “ما اجتمع الصوم والمعصية إلا نزع أحدهما الآخر، فإن لم تُفسد المعصية الصوم أذهبت أجره”.
وبناءً على ذلك، فإن ممارسة العادة السرية في رمضان تفسد الصيام وتوجب القضاء عليه، ولكنها ليست من الكبائر حسب رأي جمهور العلماء. يعتقد العلماء أن الاستمناء في رمضان يُفطر الصائم، ويجب عليه قضاء اليوم الذي فسد صومه فيه. مع ذلك، لم يتفق الجميع على تصنيفه ككبيرة، حيث يعتبره الكثيرون محرمًا، ولكنهم لا يرفعون حكمه إلى مستوى الكبائر. مَن أفطَرَ- بغيرِ الجِماعِ- في نهارِ رَمَضانَ بغيرِ عذرٍ، عامدًا مختارًا عالِمًا بالتَّحريمِ، بأنْ أكَلَ أو شَرِبَ مثلًا؛ فقد وَجَبَ عليه القضاءُ فقط، ولا كفَّارةَ عليه، وهذا مذهَبُ الشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، واختاره ابنُ المنذر، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَفِ، وهذا يدل على أن أي فعل يؤدي إلى الإفطار، مثل الاستمناء، يتطلب القضاء لكن لا يُعتبر من الكبائر.
وقد ذكر العلماء أيضًا، في حال ارتكاب هذا الفعل في رمضان، يُلزم المسلم بالتوبة النصوح، التي تتضمن التوقف عن هذه العادة، والندم على ما وقع، والعزم على عدم العودة إليها. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “التائبُ من الذنبِ كمن لا ذنبَ لهُ” الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 3446 | خلاصة حكم المحدث : حسن التخريج : أخرجه ابن ماجة(4250 )،والطبراني في ((المعجم الكبير)) (10281 )، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (108 )، مما يشير إلى رحمة الله الواسعة لقبول التوبة.
في النهاية، رغم أن الاستمناء في رمضان محرم، إلا أنه لا يُعتبر من الكبائر، ولكنه يُضعف الأجر ويمنع المسلم من تحقيق مقاصد الصيام التي تشمل تزكية النفس وكبح الشهوات. على المسلم أن يتقي الله في هذا الشهر المبارك، وأن يجاهد نفسه على ترك هذه العادة، وأن يسعى لإكمال صيامه على أكمل وجه حتى يفتح له أبواب الجنة.
تأثير ممارسة العادة السرية على الصيام
لا شك أن ممارسة العادة السرية في نهار رمضان تؤثر تأثيرًا مباشرًا على الصيام، سواء من حيث فساد العبادة أو من حيث نقصان الأجر والثواب. إن الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو إمساك عن الشهوات، كما جاء في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جل وعلا: “خلوفُ فمِ الصَّائمِ أطيبُ عند اللهِ عزَّ وجلَّ من ريحِ المسكِ قال ربُّكم عزَّ وجلَّ عبدي ترك شهوتَه وطعامَه وشرابَه ابتغاءَ مرضاتي والصَّومُ لي وأنا أجزي به” الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن عساكر | المصدر : معجم الشيوخ | الصفحة أو الرقم : 2/1100 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (9127)، وابن عساكر في ((معجم الشيوخ)) (541).
ومن هذا يُفهم أن كل ما يتعلق بالشهوة الجنسية، سواء كان بالقول أو الفعل، يجب أن يُجتنب تمامًا أثناء الصيام، وممارسة العادة السرية تُناقض هذا المعنى.
فساد الصيام بممارسة العادة السرية
اتفق جمهور العلماء من المذاهب الأربعة على أن الاستمناء إذا أدى إلى إنزال المني يُفطر الصائم، لأنه يُعتبر من المفطرات التي تُشبه الجماع من حيث إشباع الشهوة وإخراج المني. وقد استدلوا على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “يدع شهوته”، وهو نص شامل لكل ما يُثير الغريزة ويخرجها عن ضوابطها. وقد نص ابن قدامة رحمه الله في “المغني” على أن “إنزال المني عمداً يُبطل الصيام، سواء كان بجماع أو بغيره”.
وأما إذا كان الاستمناء بغير إنزال، فقد اختلف العلماء في حكمه، إلا أن جمهور الفقهاء يرون أنه ينقص أجر الصيام، لأنه يُنافي كمال العبادة ومقصودها. كما قال الإمام الشافعي رحمه الله: “الأصل في الصيام هو الإمساك عن كل ما يفسده” (الشافعي، الأم).
حكم الغسل بعد ممارسة العادة السرية أثناء الصيام
إذا حدث إنزال المني أثناء ممارسة العادة السرية، فإن الغُسل يصبح واجبًا، سواء كان ذلك في الليل أو النهار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عن أبي موسى قال: اخْتَلَفَ في ذلكَ رَهْطٌ مِنَ المُهاجِرِينَ، والأنْصارِ فقالَ الأنْصارِيُّونَ: لا يَجِبُ الغُسْلُ إلَّا مِنَ الدَّفْقِ، أوْ مِنَ الماءِ. وقالَ المُهاجِرُونَ: بَلْ إذا خالَطَ فقَدْ وجَبَ الغُسْلُ، قالَ: قالَ أبو مُوسَى: فأنا أشْفِيكُمْ مِن ذلكَ فَقُمْتُ فاسْتَأْذَنْتُ علَى عائِشَةَ فَأُذِنَ لِي، فَقُلتُ لَها: يا أُمَّاهْ، أوْ يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إنِّي أُرِيدُ أنْ أسْأَلَكِ عن شيءٍ وإنِّي أسْتَحْيِيكِ، فقالَتْ: لا تَسْتَحْيِي أنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سائِلًا عنْه أُمَّكَ الَّتي ولَدَتْكَ، فإنَّما أنا أُمُّكَ، قُلتُ: فَما يُوجِبُ الغُسْلَ؟ قالَتْ علَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إذا جَلَسَ بيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ ومَسَّ الخِتانُ الخِتانَ فقَدْ وجَبَ الغُسْلُ” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 349 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
وهذا الحديث يشمل كل ما يُسبب إنزال المني، ومن ذلك العادة السرية. ولكن الغسل لا يُعيد للصائم صيامه إذا فسد بفعل العادة السرية، بل عليه قضاء هذا اليوم بعد رمضان، مع التوبة والاستغفار لله عز وجل على ما اقترفه من ذنب.

تناقض العادة السرية مع مقاصد الصيام
من أعظم مقاصد الصيام تربية النفس على ضبط الشهوات والتحكم بالغريزة، وهو امتحان للعبد في مدى صبره على ما تشتهيه نفسه. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “الصيامُ جُنَّةٌ ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ” الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن الملقن | المصدر : البدر المنير | الصفحة أو الرقم : 5/706 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151) باختلاف يسير.
فالعادة السرية تخالف هذه المقاصد الشرعية، لأنها تُضعف النفس وتُخرجها عن حالة السكينة التي يُريدها الصوم. وقال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: “الصوم ليس فقط كفاً عن المفطرات الحسية، بل هو تدريبٌ على اجتناب المفطرات المعنوية التي تُضعف القلب وتُبعده عن الله”. ولهذا فإن ممارسة العادة السرية أثناء الصيام تُذهب بروحانية هذه العبادة، وتجعلها مجرد عادة فارغة من مضمونها.
عواقب ممارسة العادة السرية في رمضان
- فساد الصوم: إذا أدى إلى إنزال المني.
- نقصان الأجر: حتى لو لم يُفسد الصوم.
- إبعاد العبد عن مقاصد الصوم: كالتقوى وكبح النفس.
- الوقوع في الإثم: لما في هذا الفعل من انتهاك لحُرمة الشهر.
وبناءً على ذلك، فإن المسلم الذي يُريد أن يحافظ على صيامه كاملًا يجب عليه أن يجتهد في اجتناب هذه العادة المحرمة، وأن يستشعر عظمة العبادة التي يقوم بها، فهي فرصة للتقرب إلى الله عز وجل، ومغفرة الذنوب، وتهذيب النفس. ومن تورط في هذا الفعل فعليه المسارعة إلى التوبة الصادقة، واستغلال شهر رمضان في التزكية والإصلاح، فإن الله تعالى يقول: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ” (البقرة: 222).
كيفية التوبة من ممارسة العادة السرية؟
إن الله سبحانه وتعالى فتح باب التوبة لعباده، مهما كانت ذنوبهم عظيمة، وجعل التوبة وسيلة للتطهر من المعاصي والعودة إلى رحمة الله. وممارسة العادة السرية، سواء في رمضان أو غيره، هي من الذنوب التي تحتاج إلى توبة نصوح. وقد قال الله تعالى: “لْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (الزمر: 53).
خطوات التوبة النصوح
- الإقلاع عن الذنب فورًا
يجب على المسلم أن يترك هذا الفعل المحرم فورًا، وأن يعزم على عدم العودة إليه أبدًا. فالاستمرار في المعصية يُعد استهتارًا بحُرمة الله وعصيانه. - الندم الصادق
التوبة الحقيقية تبدأ من القلب، حيث يندم العبد على فعله ندمًا صادقًا، لأنه أساء إلى ربه وإلى نفسه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الندمُ توبةٌ فقال له أبي أنت سمعتَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ الندمُ توبةٌ قال نعم” الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 3448 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه ابن ماجه (4252) واللفظ له، وأحمد (3568). - العزم على عدم العودة
يجب أن يكون لدى العبد عزم حقيقي على أن لا يعود إلى الذنب مرة أخرى. فالتوبة التي تعقبها عودة إلى المعصية بدون نية صادقة ليست توبة نصوحًا. - الإكثار من الأعمال الصالحة
قال الله تعالى: “إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا” (الفرقان: 70).
فالأعمال الصالحة من صلاة وصدقة وصيام تُكفّر الذنوب وتُثبت صدق التوبة. - الاستغفار والدعاء
الاستغفار والدعاء من أهم الوسائل لنيل المغفرة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهمْ.” الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2749 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه مسلم (2749).
التوبة في رمضان
شهر رمضان فرصة عظيمة للتوبة، حيث تُضاعف فيه الحسنات وتُغفر الذنوب. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ.” الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3277 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (3277)، ومسلم (1079).
فهذا الشهر الكريم هو ميدان للتطهر والتقرب إلى الله، وينبغي للمسلم أن يستغل هذه الفرصة للإقلاع عن المعاصي والتوجه إلى الله بصدق.
نصائح للتخلص من العادة السرية خصوصًا في رمضان
مقاومة العادة السرية تتطلب عزيمة قوية واستعانة بالله عز وجل. وهذه بعض النصائح التي تساعد المسلم على تركها، خاصة في رمضان:
- الإكثار من العبادات والطاعات
الانشغال بالصلاة وقراءة القرآن وذكر الله يُبعد المسلم عن التفكير في الشهوات. قال الله تعالى: “اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ” (العنكبوت: 45). - تجنب الوحدة والفراغ
الوحدة والفراغ من أهم أسباب الوقوع في هذه العادة. لذلك ينبغي للمسلم أن يشغل وقته بما ينفعه، سواء في العبادة أو التعلم أو العمل. - مراقبة الله عز وجل
استحضار مراقبة الله والخوف من عقابه يجعل العبد أشد حرصًا على ترك المعصية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اتَّقِ اللَّهَ حيثُ ما كنتَ ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها ، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ” الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 1987 | خلاصة حكم المحدث : حسن التخريج : أخرجه الترمذي (1987)، وأحمد (21392). - الابتعاد عن المثيرات
تجنب مشاهدة أو سماع ما يُثير الشهوة من أعظم الوسائل لحماية النفس. فقد قال الله تعالى: “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ” (النور: 30). - الصوم
الصوم هو وسيلة فعالة لكبح الشهوات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كُنْتُ مع عبدِ اللَّهِ، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بمِنًى، فَقالَ: يا أبَا عبدِ الرَّحْمَنِ، إنَّ لي إلَيْكَ حَاجَةً، فَخَلَوَا، فَقالَ عُثْمَانُ: هلْ لكَ يا أبَا عبدِ الرَّحْمَنِ في أنْ نُزَوِّجَكَ بكْرًا، تُذَكِّرُكَ ما كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عبدُ اللَّهِ أنْ ليسَ له حَاجَةٌ إلى هذا أشَارَ إلَيَّ، فَقالَ: يا عَلْقَمَةُ، فَانْتَهَيْتُ إلَيْهِ وهو يقولُ: أمَا لَئِنْ قُلْتَ ذلكَ، لقَدْ قالَ لَنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ.” الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 5065 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه مسلم (1400) باختلاف يسير. - الصحبة الصالحة
مجالسة الصالحين تُعين على الطاعة وتُبعد عن المعصية.
فضل الابتعاد عن المعاصي في رمضان
إن الابتعاد عن المعاصي في رمضان يُعظم أجر الصائم ويُضاعف ثوابه. فالله سبحانه وتعالى جعل هذا الشهر فرصة عظيمة للمغفرة والرحمة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ.” الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 2014 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (2014)، ومسلم (760).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: “الصوم مدرسة التقوى، وما اجتمع مع التقوى معصية إلا أفسدتها”. الابتعاد عن المعاصي يجعل المسلم يشعر بلذة القرب من الله، وينال رضاه. فالصوم ليس مجرد إمساك عن الطعام والشراب، بل هو تربية للنفس وإعلاء للروح. ولذلك، فإن المسلم الذي يبتعد عن المعاصي، ومنها العادة السرية، يُحقق مقاصد الصيام كاملة ويُصبح من الفائزين.
هل ممارسة العادة السرية في رمضان من الكبائر؟ إجابات على أسئلة شائعة

الخاتمة
إن مسألة هل ممارسة العادة في رمضان من الكبائر تتضح بالنظر إلى النصوص الشرعية التي تُظهر حرمة هذا الفعل وضرره على الصيام والعبادة. وقد دلّت الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء على أن هذا الفعل من كبائر الذنوب إذا وقع في رمضان، لما فيه من انتهاك لحُرمة الشهر وتضييع لمقاصد الصيام. فعلى المسلم أن يتقي الله، ويجاهد نفسه على ترك هذه العادة المحرمة، وأن يغتنم رمضان في التوبة والطاعة، لعل الله يكتب له مغفرة واسعة وأجرًا عظيمًا. “وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (النور: 31). اللهم اجعلنا من التائبين، واجعل صيامنا مقبولًا، واغفر لنا ذنوبنا، إنك أنت الغفور الرحيم.
والله أعلم.